أخبارعالمية

دموع ميقاتي تستبق مهمته المستحيلة

بيروت – أفرج حزب الله بطلب من إيران عن الحكومة اللبنانية وذلك بعد 45 يوما من تكليف نجيب ميقاتي بتشكيلها. ووجه ميقاتي الذي سبقت دموعه مهمته المستحيلة نداء استغاثة إلى الدول العربية، وأساسا السعودية، بحثا عن المساعدة.

وكشفت مصادر سياسية أن حزب الله ضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر من أجل تمكين ميقاتي من تشكيل حكومة في ظل تفاهم إيراني – فرنسي عبّرت عنه الاتصالات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وأوضحت هذه المصادر أن الحزب استطاع إقناع الثنائي عون – باسيل بتشكيل الحكومة بعد استرضائهما عن طريق ضمان ثلث معطل لهما فيها من جهة وعبر ضمان بقاء وزارة الطاقة في عهدة شخص هو وليد فياض محسوب كليا على جبران باسيل.

ويشير ذلك، استنادا إلى المصادر السياسية اللبنانية، إلى تراجع فرنسي كبير في مجال تولي شخصية محايدة ومختصة وزارة الطاقة التي تسببت بتحميل خزانة الدولة اللبنانية عجزا يقدر بنحو خمسين مليار دولار منذ صارت تحت إشراف جبران باسيل قبل 12 عاما.

وفي الوقت الذي كانت فيه المكونات السياسية تتابع تفاصيل حصصها في الحكومة الجديدة كان ميقاتي يغالب دموعه لدى وصفه مصاعب الحياة اليومية للبنانيين، حيث يصعب الحصول على السلع الأساسية بما في ذلك الأدوية فيما يغادر العديد من اللبنانيين البلاد بحثا عن حياة أفضل في الخارج.

وكان واضحا أن رئيس الحكومة الجديدة لا يبحث عن حلول في الداخل، وإنما ينظر إلى الدعم الخارجي على أنه بوابة الحل لبلد غارق في الأزمات.

Thumbnail

وقال ميقاتي “لن أترك فرصة إلا وأدق أبواب العالم العربي، فنحن في حاجة إلى العالم العربي وآمل أن نصل إلى ما يشتهيه الناس في هذه الحكومة ونوقف على الأقل الانهيار الحاصل ونقوم جميعاً بيد واحدة بإرجاع لبنان إلى عزه وازدهاره”.

واعتبرت أوساط سياسية لبنانية أن خطاب ميقاتي موجه إلى دول الخليج، وخاصة السعودية، التي يعرف جيدا أنها الجهة الأكثر قدرة على دعم لبنان ومساعدته في الخروج من أزماته، وهو ما فعلته في السابق.

لكن هذه الأوساط تساءلت إن كان ميقاتي قادرا على إقناع السعودية بأنه ليس رئيس حكومة يتحكم فيها حزب الله من وراء الستار، وهل بمقدوره أن يتصرف بعيدا عن إملاءات الحزب وأمينه العام حسن نصرالله.

وأرسلت السعودية في الأشهر الأخيرة إشارات تفيد بأنها لم تعد معنية بلبنان وبالجدل بشأن تشكيل حكومة جديدة وبمن سيكون رئيسها، في وقت تعرف فيه أن حزب الله هو المتحكم في المشهد.

سامي نادر: الخوف ألا يتمكن النظام التشغيلي للحكومة من إنتاج شيء جديد

وبذلت الرياض كل ما في وسعها على مدى سنوات مضت لدعم لبنان وحث الفرقاء على منع ارتهانه إلى أيّ جهة خارجية، لكنّ اللبنانيين ظلوا ينظرون إلى المملكة كجهة مهمتها ضخ الأموال وتحريك الاقتصاد والسياحة دون أيّ التزام سياسي تجاهها، وهو خيار لم يعد يتماشى مع سياستها الجديدة، وهو ما يجعل لامبالاتها بمثابة عقوبة للجميع أيّا كانت مواقفهم وتحالفاتهم مع حزب الله أو ضده.

ولا يمتلك ميقاتي أيّ تأثير في الحكومة الجديدة، فهو مجرد منسق بين أجندات وأمزجة متناقضة، وهذا وضع يعيق مساعيه لكسب ود الخليجيين، وكذلك سعيه للتفاوض مع صندوق النقد الدولي ومع الأوروبيين لأجل الحصول على التمويل وكيفية تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.

ويقع على عاتق الحكومة الجديدة التوصل سريعاً إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى لإخراج لبنان من أزمته التي تتسم بنقص السيولة وبأزمات حادة في الوقود والكهرباء تنعكس على كل جوانب الحياة.

ويرى الباحث والأستاذ الجامعي سامي نادر أنّ أمام الحكومة عمليا “عنوانا واحدا تتوجه إليه وهو صندوق النقد الدولي لأن لا طريق آخر للخروج من الأزمات”.

ويضيف “إذا كان المنطق الذي ساد عملية تشكيل الحكومة لناحية المحاصصة سيطغى على أداء الحكومة، فهذا الأمر لا يبشّر بالخير إطلاقا”، معتبراً أنّ “استمرار منطق المحاصصة والصراع على كل إصلاح وكل قرار يعني أننا سنبقى في المكان ذاته الذي كنّا فيه مع حكومة تصريف الأعمال”.

وأضاف “الطباخون ذاتهم (الطبقة السياسية) هم الذين شكلوا الحكومة.. والخوف الحقيقي هو ألا يتمكن النظام التشغيلي للحكومة الجديدة من إنتاج شيء جديد”.

وفي أول تعليق على تشكيل الحكومة اعتبر الرئيس ميشال عون، وفق ما نقل حساب الرئاسة على تويتر، أن “الحكومة أفضل ما يمكن التوصل إليه، وهي قادرة على العمل”، مضيفاً “همومنا تكمن في أولوية حل مشاكل الناس الحالية وعلينا مسؤوليات كبيرة”.

وتضم الحكومة الجديدة، مثلما ضمت حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها حسان دياب، وزراء اختصاصيين ليسوا من الوجوه السياسية المعروفة لكن ترشحهم أحزاب رئيسية. وتبدو الحكومة ثمرة توافق بين ميقاتي وعون وحزب الله وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري.

 

ميقاتي لا يمتلك أيّ تأثير في الحكومة الجديدة
ميقاتي لا يمتلك أيّ تأثير في الحكومة الجديدة

 

وقال ميقاتي في هذا السياق “لا يمكننا الإتيان باختصاصيين وحدهم” في الحكومة من دون “أن تكون لهم انتماءات.. وأتمكن من معالجة المشاكل المطروحة”، في إشارة إلى الغطاء السياسي الذي يُفترض أن تتمتع به الحكومة لاتخاذ قرارات مصيرية.

وعين يوسف خليل المسؤول الكبير بمصرف لبنان ومساعد حاكم المصرف رياض سلامة وزيرا للمالية في التشكيل الحكومي الجديد المقترح.

وتضمنت حكومة ميقاتي امرأة واحدة هي نجلاء رياشي وزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية، بينما عيّن الإعلامي ومقدم البرامج البارز جورج قرداحي والمعروف عربيا بتقديم برنامجي “من سيربح المليون” و”المسامح كريم” في منصب وزير الإعلام.

وعيّن فراس الأبيض مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي الذي لمع اسمه في مكافحة جائحة كورونا وزيرا للصحة.

وتولى أمين سلام منصب وزير الاقتصاد والتجارة فيما عين هنري خوري وزيرا للعدل وبسام المولوي وزيرا للداخلية والبلديات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى