اقتصاد

جدل مغربي بشأن استراتيجية تحرير سعر صرف الدرهم

جدل مغربي بشأن استراتيجية تحرير سعر صرف الدرهم

  • يستعد المغرب لإطلاق عملية تعويم الدرهم في الشهر المقبل وفق جدول زمني تدريجي لتحرير أسعار الصرف، الذي يمثل جزءا أساسيا من برنامج اقتصادي جرى الاتفاق عليه مع الدائنين الدوليين، رغم تباين الآراء بشأن تداعيات تلك الخطوة.

العرب 

 

استقرار الدرهم يعزز النشاط الاقتصادي

أكد بنك المغرب المركزي أنه حسم قرار الشروع في تعويم سعر صرف الدرهم تدريجيا بعدما توفرت كافة الشروط الضرورية لتبني هـذا القـرار. وأكـد أنـه اعتمـد بـرنـامجا مفصـلا لبلوغ مرحلة التحرير الكلي في المستقبل.

وتعهد البنك بتسريع وتيرة تحرير أسعار صرف العملات بوتيرة أسرع مع اعتماد مرونة أكبر تراعي جميع العوامل الاقتصادية وتضمن الاستقرار المالي في البلاد.

وقال منير رزقي، مدير العمليات المالية وأسواق الصرف في البنك المركزي إن العام الماضي كان سنة الحسم في تحديد تفاصيل البرنامج، الذي يعتمد على العرض والطلب في سوق صرف العملات الأجنبية دون أي تدخل من السلطات المالية.

وأكد أن المغرب يواصل تعزيز احتياطاته من العملات الأجنبية. ورجح أن تصل تغطيتها للواردات إلى 6 أشهر و17 يوما خلال العام الجاري مقارنة بنحو 4 أشهر في عام 2012.

ويهدف بنك المغرب من وراء تعويم الدرهم إلى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي ومواكبة الانفتاح التجاري والاندماج المالي وتحسين وتنويع الشراكات الخارجية مع تجنيب المغرب الدخول في حروب العملات والسياسات الحمائية وتقلبات الأسواق المالية والحد من الضغط على احتياطي الصرف.

عبدالرحيم بوعزة: جميع الشروط اجتمعت حاليا من أجل الانتقال صوب نظام الصرف المرن للدرهم

وأكد العربي حبشي، الخبير الاقتصادي وعضو المكتب التنفيذي للفيدرالية الديمقراطية للشغل أنه لم يتم تدقيق تفاصيل تلك الأهداف وتوضيح دراسات الجدوى الاقتصادية، التي يمكن أن تظهر إيجابيات وسلبيات هذا الإجراء.

وقال لـ“العرب” إن “نسيج الشركات وعمليات الإنتاج في المغرب هش ويحتاج إلى إعادة هيكلة على المستويات التنظيمية والقانونية والتكنولوجية والتكوينية لتأهيلها لمواجهة مثل هذه الإجراءات”.

وأكد عبدالرحيم بوعزة، المدير العام لبنك المغرب، أن جميع الشروط اجتمعت من أجل الانتقال صوب نظام الصرف المرن للدرهم، بعدما كشفت الأزمة المالية العالمية عن بعض نقاط الضعف التي تعتري نظام الصرف المعتمد حاليا.

وأضاف أن الاقتصاد المغربي ليس في منأى عن الهزات الاقتصادية التي يشهدها العالم، سواء تعلق الأمر بالطلب العالمي أو أسعار المواد الأولية التي يكون لها انعكاس على التوازنات الداخلية والخارجية.

وسبق لمحافظ بنك المغرب عبداللطيف الجواهري أن أكد أن المرحلة الأولى من تحرير الدرهم ستبدأ في الربع الثاني من العام الحالي، لكنه لم يحدد كم ستستغرق هذه العملية وأكد أن الأمر يتوقف على السوق.

لكن وزير المالية محمد بوسعيد قال إنه “إذا اتخذ المركزي قرارا بالبدء بتحرير أسعار الصرف في الربع الثاني فسوف يكون ذلك مناسبا بسبب قوة سعر الدرهم”.

وأشار بوعزة إلى أن لجوء المغرب إلى الشروع في التعويم التدريجي للدرهم أملته التحولات التي يمر بها الاقتصاد الوطني والتي حتّمت ضرورة اللجوء إلى إدخال تعديلات هيكلية على نظام أسعار صرف العملات من أجل المحافظة على تنافسية الاقتصاد المغربي.

وأشار عبد الرحيم بوعزة، إلى أن التعويم التدريجي للدرهم استدعته استراتيجية المملكة الهادفة إلى جعل المغرب منصة مالية إقليمية وقارية، من خلال وضع أسس “كازا فينانس سيتي” والتي حصلت على تنقيط بوأها المرتبة الأولى قاريا.

العربي الحبشي: إجراء تعويم الدرهم يتطلب هيكلة قانونية وتكنولوجية وتدريبية شاملة لمواكبته

وقال خبراء اقتصاد مغاربة إن تحرير سعر صرف الدرهم سيمنح استقلالية أكبر في سوق العملة، وسوف يسمح بتفاعل سريع مع السوق، إضافة إلى منح تعزيز ثقة المستثمرين بالاقتصاد المغربي.

وأكدوا أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد في وضع مناسب للبدء بتحرير سعر صرف الدرهم، من خلال مقارنتها بالأوضاع في الدول المجاورة. وأشاروا إلى نظرة المؤسسات الدولية الاقتصادية مثل وكالة ستاندرد أند بورز، التي تؤكد ثقتها بالاقتصاد المغربي المبني على التنافسية.

ويرى حبشي أن من شروط نجاح الإجراء، توفر احتياطي هائل من العملة الصعبة والنشاط المستقر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقليص العجز التجاري.

وأضاف أنه يتطلب أيضا وجود سوق مالية قوية وقادرة على مواجهة تدفق رؤوس الأموال المضاربة ونسبة مقبولة لحجم الدين العام، وأكد أن هذه الشروط غير متوفرة في الوقت الحالي.

وعبر حبشي عن مخاوفه من التداعيات الجانبية السلبية لقرار تحرير سعر صرف الدرهم على القدرة الشرائية للمواطن بسبب احتمال ارتفاع نسبة التضخم. وأضاف أن القرار يمكن أن يؤثر أيضا على الشركات الصغيـرة والمتوسطة التي لم يتم تأهيلها بالقـدر الكافي والتي ستواجه كل أشكال المضاربات المالية وقد تعجز عن تغطية مخاطر تقلبات أسعار الصرف مما يؤثر في استقرارها المالي، بل ويعرضها لخطر الإفلاس.

لكن محللين آخرين أشاروا إلى تجارب دولية في مجال تحرير العملة مثل التشيك وبولونيا وتشيلي وماليزيا التي تطورت اقتصادياتها انطلاقا من السنة التي تم فيها تحرير أسعار الصرف. وأكدوا أن العملية ستكون لها انعكاسات إيجابية على معظم القطاعات الاقتصادية الحيوية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى