الأخبار

ثورة العطش تنقلب إلى تسوية حساب للأحوازيين مع خامنئي

طهران- خرجت ثورة العطش في محافظة خوزستان الغنية بالنفط على طول الحدود مع العراق من بعدها المطلبي المباشر لتتحول إلى دعوات بالموت للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي وإسقاط الجمهورية الإسلامية.

وخرج خامنئي عن صمته بعد أن استمرت الاحتجاجات لأيام وأخذت شعاراتها أبعادا تطالب بسقوط النظام. وأبدى المرشد الأعلى تفهمه لمطالب الناس وسعى للتهدئة بعد أن أحس بالخطر من أن تتحول الاحتجاجات إلى ثورة واسعة لاسيما بعد فشل عنف القوات الأمنية في تفريق التظاهرات في المدن وإثناء المحتجين عن رفع شعارات راديكالية ضد النظام ورموزه.

وتُظهر مقاطع الفيديو، التي انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، عشرات الآلاف من الأشخاص يسيرون في الأحواز عاصمة المقاطعة وذات الغالبية العربية، ومدن أخرى، رافعين شعارات مثل “الموت لخامنئي” و “لا نريد جمهورية إسلامية”.

علي شمخاني: الشعور بالتمييز أكثر إيلاما من الجفاف وشح المياه

كما تظهر قوات مكافحة الشغب وهي تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وفي مقطع فيديو كانت هناك أصوات إطلاق نار وشاهد يقول إن قوات الأمن تطلق النار على المتظاهرين.

وفي حين يتهم مسؤولون إيرانيون “انتهازيين” و”مثيري شغب” بإطلاق النار على المتظاهرين وعناصر الأمن، قالت منظمات حقوقية دولية الجمعة إن قوات حفظ النظام استخدمت “القوة المفرطة” ضد المحتجين، وإن حصيلة الضحايا أعلى من الأرقام المعلنة رسميا.

وقالت منظمة العفو الدولية الجمعة إن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا خلال الحملة المستمرة منذ أسبوع، وإن القرائن على أن “قوات الأمن استعملت أسلحة أوتوماتيكية فتاكة ومسدسات.. والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين” موجودة.

وشيع الخميس هادي بهماني (عامل مراهق قُتل في التظاهرات) وسط حشد كبير من الغاضبين على قوات الأمن الإيرانية. وبادرت السلطات إلى قطع الإنترنت عن المحافظة لمنع نشر صور الاحتجاجات وسقوط ضحايا برصاص الشرطة، وذلك بهدف تطويق الموقف ومنع استثماره داخليا بتشجيع مدن أخرى على التظاهر وترديد مطالب تستهدف المرشد الأعلى وتطالب بإسقاط النظام، وخارجيا من خلال زيادة اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية بالوضع الاجتماعي الصعب في البلاد.

وانتقلت التظاهرات إلى محافظات أخرى قريبة من خوزستان، بينما أظهرت مقاطع فيديو تظاهرة في طهران ترفع شعارات داعمة لمتظاهري الأحواز.

وأفاد الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي “إيريب نيوز” ليل الخميس “اندلعت أعمال شغب في شوارع أليكودرز (في محافظة لورستان ذات الغالبية الكردية) استمرت لساعات، تخللها إطلاق نار مشبوه من عناصر مجهولة أدى إلى مقتل شخص في العشرين من عمره وإصابة اثنين آخرين”.

وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها وسائل إعلام إيرانية عن احتجاجات أو سقوط ضحايا خارج خوزستان، منذ بدء الاحتجاجات ليل الخميس قبل الماضي.

وقالت “نت – بلوكس” التي تراقب حجب خدمات الإنترنت إنها يمكنها “أن تؤكد انقطاعات واسعة النطاق أبلغ عنها مستخدمون لخدمات الهاتف المحمول بما يتسق مع حجب لخدمة الإنترنت في مناطق بهدف السيطرة على الاحتجاجات”.

واعتبر متابعون للشأن الإيراني أن المحتجين نجحوا في نقل صورة حية عن معاناتهم بالرغم من أن المنطقة التي يعيشون فيها غنية بالنفط، وهو ما دفع بالرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني الخميس إلى الخروج وإطلاق تصريحات للتهدئة وبعده بيوم جاءت كلمة خامنئي بنفس الهدف.

ونسبت محطات تلفزيونية رسمية إلى خامنئي قوله “أبدى الناس استياءهم… لكن لا نستطيع فعليا أن نلوم الناس وينبغي حل مشكلتهم. لأن مشكلة المياه ليست هينة خاصة في الطقس الحار في خوزستان”.

وتابع المرشد الأعلى “خلال الأيام السبعة أو الثمانية الماضية كان أحد هواجسنا قضية خوزستان والمياه ومشكلات الناس هناك (…) إنه لأمر مؤلم حقاً أن يرى المرء أن محافظة خوزستان، مع هؤلاء الناس الأوفياء وهذه الإمكانات والموارد الطبيعية والمصانع الكثيرة الموجودة في تلك المحافظة، يصل فيها وضع الناس إلى نقطة تجعلهم منزعجين ومستائين”.

لكنه لم ينس الالتجاء إلى نظرية المؤامرة لتفسير ما يجري بالرغم من اعترافه بشرعية مطالب المحتجين، حيث قال “على الناس أيضاً أن ينتبهوا إلى أن العدو يريد الاستفادة من كل شيء صغير ضد البلاد والثورة الإسلامية وضد المصالح العامة للناس”.

وانضم إلى دعوات التهدئة علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ما يظهر أن الأمر غير عادي بالنسبة إلى النظام.

وقال شمخاني الذي ينحدر من خوزستان الجمعة إن “الشعور بالتمييز أكثر إيلاما من الجفاف وشح المياه”.

وتعتبر خوزستان التي تقطنها عشائر عربية والمطلة على الخليج أبرز مناطق إنتاج النفط في إيران وإحدى أغنى المحافظات الـ31.

ويعتقد المتابعون أن إيران لم تنحن من قبل أمام الاحتجاجات التي شهدتها في السنوات الماضية بالرغم من أنها رفعت مطالب اجتماعية مشروعة وقابلتها بالعنف وبمحاكمات جائرة، لكن هذه المرة نجحت احتجاجات الأحواز في أن تجلب التعاطف، وتظهر أن إيران في وضع صعب من الداخل، وأن النظام لم يعد يمتلك شرعية كافية، وذلك ما تظهره الشعارات التي تنادي بالموت لخامنئي.

ويتحسس الإيرانيون من اهتزاز صورة النظام في الوقت الذي يجري فيه مفاوضات مع الغرب لتثبيت مكاسبه سواء في الملف النووي أو في الاعتراف بنفوذه الإقليمي المتزايد.

وسعى النظام لتطويق مشكلة العطش من خلال نقل المياه بالصهاريج، لكنّ المتظاهرين اعتبروا أنها خطوة ظرفية لن تفعل شيئا لمعالجة المشكلة الأساسية.

وقال بعضهم إن وراء العطش سياسة رسمية هدفها الضغط على السكان لإجبارهم على مغادرة المنطقة التي يشكل العرب غالبية سكانها.

ونشر نشطاء فيديوهات تضم صورا وشهادات عن التحديات البيئية في خوزستان، مثل الخزانات الفارغة والأراضي الرطبة الجافة والعواصف الترابية والحرارة الشديدة وحرائق الغابات والتلوث الخطير للهواء والماء والتربة من صناعة النفط.

وألحق أسوأ جفاف تشهده إيران منذ خمسين عاما أضرارا بالمنازل والحقول والماشية وأدى إلى انقطاعات في الكهرباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى