الأخبار

بري يقود مصالحة بين حزب الله وجنبلاط

بيروت – أعلن كل من حزب الله اللبناني و”الحزب التقدمي الاشتراكي” بزعامة وليد جنلاط، السبت، عن توصلهما إلى تفاهم “على تنظيم الخلاف السياسي” بينهما في إطار لقاء مصالحة أجراه رئيس مجلس النواب (البرلمان) اللبناني نبيه بري.

وعقب اللقاء الذي جرى بمقر إقامة بري بالعاصمة بيروت، قال المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله”، حسين خليل، في مؤتمر صحافي مشترك، إن “اللقاء جاء ليتوج المصالحة والمصارحة بين الحزبين”، مضيفا “كان الجو وديا في ما بيننا”. وتابع خليل “فوضنا بري لوضع أسس لحل كل المشكلات التي برزت خلال الفترة الماضية، واتفقنا على أن تعاد الأمور إلى مجاريها”.

واعتبر المعاون السياسي لحسن نصرالله أن “قسما كبيرا من المسائل السياسية (لم يحددها) تشكل قاسم مشترك بين الطرفين (حزب الله والتقدمي الاشتراكي)”.

من جهته، قال ممثل “الحزب التقدمي الاشتراكي” الوزير السابق غازي العريضي “اتفقنا على أن نذهب إلى تنظيم الخلاف في ما بيننا وأن نعالج السلبيات بالحوار حرصا على استقرار البلد”.

وأضاف في المؤتمر الصحافي ذاته “ثمة خلافات لا تزال بيننا؛ لأننا لسنا حزبا واحدا، ولكل منا موقفه وأسلوبه في التعبير عن رأيه”.

وأردف “لسنا محرجين مع أحد على الإطلاق لا في الداخل ولا الخارج، ولا نتلقى توجيها من هنا أو هناك”، دون توضيح. واعتبر العريضي أن أي خطوة يُقدم عليها حزبه يرى فيها مصلحة وطنية.

وعلى الرغم المصالحة، يعتقد مراقبون أن جنبلاط سيبقى حذراً من انقلاب المواقف لحزب الله الذي يتحرك وفق الأجندة الإيرانية بالمنطقة ويحدد مواقفه وفق إملاءات النظام الإيراني.

ويستبعد مراقبون أن تفتح هذه المصالحة بالضرورة صفحة جديدة بين الطرفين، لكنه بالتأكيد سيعيد إحياء قنوات التواصل بينهما، وإن لم تكُن بالوتيرة نفسها التي سبقت حادثة قبرشمون.

وتأتي خطوة المصالحة في سياق مستجدات المشهد السياسي اللبناني المعقد الذي يهيمن على قراره الحزب. ومن مصلحة حزب الله التهدئة السياسية في ظل تصعيده الأخير مع إسرائيل ومحاولته توريطه للبلد في مواجهة عسكرية جديدة ترضخ لمصلحة إيران، فيما لا تراعي مصلحة اللبنانيين.

وسبق أن ذكرت مصادر سياسية في بيروت أن كبار المسؤولين اللبنانيين يأخذون على محمل الجد احتمال توجيه إسرائيل ضربة إلى مواقع لحزب الله تعتقد أنها مصانع لصواريخ بالغة الدقة جرى جمعها في الأراضي اللبنانية. وذكرت أن أكثر ما يقلق المسؤولين اللبنانيين رفع غطاء الحماية الأميركية عن لبنان في ظلّ إدارة انحازت كلّيا إلى وجهة النظر الإسرائيلية.

ويعتقد مراقبون أن حزب الله يحاول امتصاص غضب الشارع اللبناني المستاء من جر الحزب للبلد إلى حرب جديدة مع إسرائيل، بعد إطلاق الحزب صواريخ مضادة للدبابات باتجاه قاعدة عسكرية إسرائيلية الأحد الماضي، وسط قلق ومخاوف اللبنانيين من تدحرج الوضع نحو حرب سيكون لبنان أبرز المتضررين منها خاصة على المستوى الاقتصادي.

يشار إلى أن زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عرف بمواقفه المعارضة لكل من رئيس النظام السوري بشار الأسد و”حزب الله” التي تصنفه الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب.

وتأجج الخلاف بين الحزبين بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، وانضمام جنبلاط إلى تحالف قوى “14 آذار” المناهض لتحالف قوى “8 آذار” المؤيد للنظام السوري والذي يقوده حزب الله.

وتصاعد الخلاف مؤخراً إثر تأييد حزب الله لموقف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان (8 آذار) بعد اشتباك بين أنصار الأخير وأنصار “التقدمي الاشتراكي” في 3 يوليو الماضي. وأسفر الاشتباك عن مقتل اثنين من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب المنتمي إلى الحزب الديمقراطي في منطقة البساتين بقضاء عاليه جنوب شرق العاصمة بيروت.

وكادت أن تفجّر الحادثة فتنة درزية- درزية في الجبل، لكن تحركات رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نجحت في امتصاص فتيلها الأمني، ولم تنجح بذلك مناورات حزب الله ومحاولته استثمار حادثة قبرشمون لضرب جنبلاط وإضعاف حكومة الحريري.

والتقط حزب الله الرسالة الغربية وخاصة الأميركية التي عبّرت عنها سفارة الولايات المتحدة في بيروت في بيان شدّد على رفض “أي توظيف لقضية قبرشمون لغايات سياسية”، وعلى ضوء ذلك قرّر الحزب الاستدارة من خلال حضّ حليفه أرسلان على تليين موقفه حيال حادثة قبرشمون. وكانت الخطوة بمثابة تمهيد لتهدئة التصعيد مع جنبلاط.

وكان حزب الله قد دعّم رئيس الحزب الديمقراطي في مطلبه بإحالة الحادثة إلى المجلس العدلي، في سياق رغبته في كسر جنبلاط وتحجيمه، بيد أنه وأمام الوضع الراهن، وجد الحزب نفسه مضطرا لتأجيل المعركة مع الزعيم الدرزي.

وتعود أزمة قبرشمون إلى 30 يونيو الماضي حينما واجه موكب لوزير المهجّرين صالح الغريب مجموعة من أنصار الزعيم الدرزي وليد حنبلاط، تحتجّ على زيارة مفترضة لوزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لمحافظة جبل لبنان، لتنتهي المواجهة إلى تبادل لإطلاق النار بين الطرفين أسفر عن مقتل اثنين من مرافقي الغريب ينتميان إلى الحزب الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى