الأخبار

بايدن لن يجرؤ على أن يبقى بفرد واحد من قواته بعد الموعد الذي يحدد له

تستطيع ميليشيات الحشد الشعبي في العراق أن تستولي على السلطة في أربع ساعات أو أقل. فلماذا لا تفعل ذلك؟

بدلا من المناكفات مع رئيس الحكومة وإهانة سلطته، وانتهاك سيادة الدولة والإضرار بمؤسساتها، وبدلا من إقامة علاقات دبلوماسية موازية مثيرة للسخرية، وبدلا من أعمال النهب الجزئية التي تجعلها في نظر الدولة عصابات سرقة، تستطيع هذه الميليشيات أن تستولي على الدولة ككل، وتقيم نظاما لا ينافسها فيه أحد. فتنهب ما شاء لها الهوى من دون أن يتهمها أحد بارتكاب جرائم. وتستطيع أن توقع عقودا رسمية مع إيران، ليس لاستيراد الغاز والكهرباء، بل وحتى استيراد الهواء أيضا، من أجل توفير الأموال لسلطة الولي الفقيه فيرضى عنها وعما صدّرته الثورة من مجرمين ولصوص ورعاع وشذاذ آفاق وقتلة و”كلاوجية”.

وفي السلطة فإن هؤلاء، إذ يستطيعون أن يظهروا كرجال دولة، فإن أحدا لن يستطيع أن يجعلهم موضع احتقار أو “بوز مهانة”.

كل هذا يمكن أن يتغير بين ليلة وضحاها، فلا يعودون مضطرين إلى مراعاة أحد غير وليّهم الفقيه. فلماذا الحاجة إلى ممارسة الخبائث من وراء الظهر بينما يمكن تحويلها إلى سياسة معلنة؟ ولماذا التعرض للاتهامات بأعمال إرهاب، بينما يمكن النظر إليها كأعمال خيرية؟

لعلهم يحاولون تكرار وضعية “حزب الله” في لبنان، الذي يقيم دولة موازية ويكتفي بها.

الحشد الشعبي في العراق يستطيع أن يخدم نفسه، ويخدم إيران بطريقة أفضل لو أنه اختار أن يرتبط مع إيران بوشائج استراتيجية معلنة تبعث الخوف في نفس الولايات المتحدة فلا تعود تتجرأ على توجيه ضربات لإيران.

ولكن حزب حسن نصرالله لا يستطيع أن يفعل ما يستطيعون فعله. النظام اللبناني يقوم على صيغة مختلفة لا تسمح لحزب طائفة واحدة أن يركب على الجميع. فيضطر حسن نصرالله أن يستمطي أفرادا من تلك الطوائف، لأنه لا يستطيع أن يستمطيها كلها.

ميليشيات الحشد الشعبي في العراق تستمطي الجميع أصلا. بمعنى أن العراقيين عندما يصحون في صباح اليوم التالي للانقلاب، لن يلاحظوا أي تغيير. بل سيظهر بينهم من يعتقد أن الحال سيكون أفضل إذا ما انتهت ازدواجية السلطة التي جعلتهم في دوامة مستمرة، لا أحد فيها يعرف مَنْ قتل مَنْ، ومَنْ سرق ماذا، ومَنْ وقع عقودا مزيفة مع مَنْ. كل الأشياء تحت سلطة الحشد الشعبي سوف تكون مرتبة ترتيبا حسنا. كما يمكن تنظيم أعمال النهب وفقا للقانون، فيصبح من حق كل وزير من وزراء الحشد أن يُعين لحسابه الشخصي 100 “وظيفة فضائية” (لموظفين لا وجود لهم)، وأن يوقع عقودا مع شركات أجنبية يقوم أحد أقاربه بتأسيسها في كندا وبريطانيا لاستيراد مولدات كهرباء، عندما تنصبها تكتشف أنها، لكي تعمل، تحتاج إلى مولدات أخرى، وهكذا.

الحشد الشعبي في العراق يستطيع أن يخدم نفسه، ويخدم إيران بطريقة أفضل لو أنه اختار أن يرتبط مع إيران بوشائج استراتيجية معلنة تبعث الخوف في نفس الولايات المتحدة فلا تعود تتجرأ على توجيه ضربات لإيران. بل يمكن إعلان الوحدة الاندماجية على امتداد “الهلال الشيعي” كله. فترتعب إسرائيل وكل القوى العظمى، وتصبح مضطرة إلى التعامل مع طهران كقوة عظمى.

المهدي المنتظر، عندما يرى كل هذه النتائج قد تحققت، فإنه سوف يركب حصانه ويأتي بسرعة ليشرب أول فنجان قهوة مع سيادة الرئيس فالح الفياض، ويضرب ماعون الهريسة مع رئيس وزرائه قيس الخزعلي.

قوة ولكن
قوة ولكن 

وبحكم الضرورات المستجدة، فإنه يستطيع، على سبيل “الميانة”، أن يطالب بسيف علي بن أبي طالب (ذو الفقار) الذي تم إهداؤه للمرحوم دونالد رامسفيلد، للاستخدام الطارئ. كما يمكن دعوة، طيب الذكر، بول بريمر، رئيس مجلس الحكم، لإعادة بناء العلاقات بين دولة الحشد الشعبي والولايات المتحدة على أسس الشراكة التي أرسيت عندما تم تقاسم أكثر من 100 مليار دولار من عائدات برنامج “النفط مقابل الغذاء”، فتحولت إلى برنامج “الولاء مقابل العطاء”.

أشياء كثيرة يمكن أن تتحقق من بعد ذلك. كل ما يحلم به الولي الفقيه سوف يُصبح سهلا، فلا يعود يعاني من أي ضائقة. وبوجود الحشد الشعبي في السلطة، فإنه يستطيع أن يجعل كل دول المنطقة تخضع لتهديداته. ولا تعود تحلم بأن يكون لها موطئ قدم في العراق.

الروابط التي تسعى هذه الدول إلى إقامتها مع العراق، لأجل كسبه، يمكن أن تتبدد في خمس دقائق. وإذا خسرت استثماراتها، فلا عتب إلا عليها لأنها لم تدرك أن العراق بلد خاضع لسلطة الولي الفقيه، وإنها إذا أرادت أن يكون لها مكان في العراق، فإنها يجب أن تتفاوض معه، لا مع مصطفى الكاظمي.

سؤال يرسم المسؤولية التاريخية التي تنتظر هذا الحشد لكي يتقدم ويعلن العراق ولاية من ولايات إيران، بدلا من هذا الوضع الذي يجعل قادته الأشاوس موضع سخرية الجميع وانتقاداتهم واتهاماتهم

ومن هذا الكاظمي أصلا، الذي يتم التعويل عليه؟ فهو في النهاية موظف، مقطوع من شجرة، لا أمامه حزب يرعاه، ولا وراءه ميليشيا تحميه. ويمكن طرده في أي وقت. وهو يبيع الأوهام عن “دور للعراق” كوسيط بين دول المنطقة، ولا يشتري هذه الأوهام إلا من رغبوا بأن يوهموا أنفسهم بها. وعندما يرحل، فسوف يعرفون أين ذهبت. وما هي الكوابيس التي تنتظرهم تحت سلطة الحشد الشعبي.

استيلاء الحشد الشعبي على السلطة سوف يغنيه عن إجراء انتخابات يظن البعض أنها سوف تحقق له فوزا. وعندما تستقر الأمور، في غضون أربعة أيام أو خمسة، فإنه يمكن إجراء انتخابات على غرار الانتخابات الإيرانية. وبدلا من دعوة مراقبين دوليين للإشراف عليها، فإنه سيكون كافيا أن ترسل إيران مراقبين محايدين، لا يكتفون بمراقبة الصناديق، بل يقومون بفرز الأصوات أيضا، بعد أن يحلف كل منهم بـ”العباس أبو راس الحار” بأنه لن يحسب أوراقا إلا تلك المختومة بالفارسي.

النتائج سوف تأتي دائما، كما يتنبأ بها الولي الفقيه. كيف لا، وهو “وكيل الإمام” ومطلع على أسرار غيبته، والعارف بكل شيء.

ومن ذا الذي يستطيع أن يقف بوجه صواريخ الحشد الشعبي؟ جو بايدن الذي هرب من أفغانستان، لن يجرؤ أن يبقى بفرد واحد من قواته بعد الموعد الذي يحدده له أبو ولاء الولائي، ليس للرحيل من العراق فحسب، وإنما للرحيل من المنطقة ككل.

كل هذه المعجزات يمكن أن تتحقق في أربع ساعات أو أقل. فلماذا لا يفعلها الحشد الشعبي؟

سؤال يرسم المسؤولية التاريخية التي تنتظر هذا الحشد لكي يتقدم ويعلن العراق ولاية من ولايات إيران، بدلا من هذا الوضع الذي يجعل قادته الأشاوس موضع سخرية الجميع وانتقاداتهم واتهاماتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى