الأخبار

انتهاء المعاملة التفضيلية الأميركية في وقت صعب على أردوغان

انتهاء المعاملة التفضيلية الأميركية في وقت صعب على أردوغان

رسالة سياسية تؤكد أن واشنطن تمتلك ما يكفي من الأوراق للرد على تحدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسياسة الأميركية.

واشنطن – تستمر الولايات المتحدة بتوجيه رسائل قوية، وإنْ بشكل ناعم ودون صراخ، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب مواقفه المتنطعة تجاه واشنطن ومصالحها في المنطقة، وخاصة ما تعلق بالملف السوري وتهديداته لحلفائها الأكراد شرق الفرات.

وبعد العقوبات التي أغرقت الليرة التركية، لوحت واشنطن بسحب مزايا كانت تقدمها للاقتصاد التركي.

وقال مكتب الممثل التجاري الأميركي الاثنين إن الولايات المتحدة تنوي إنهاء المعاملة التجارية التفضيلية لتركيا بموجب برنامج سمح لبعض الصادرات بدخول الولايات المتحدة دون رسوم جمركية.

وأضاف المكتب في بيان صحافي أن تركيا لم تعد مستحقة للمشاركة في برنامج “نظام التفضيلات المعمم” لأنها “متقدمة اقتصاديا بما يكفي”.

وكان مكتب الممثل التجاري الأميركي قال في أغسطس الماضي إنه ينظر في مدى استحقاق تركيا للمشاركة في البرنامج بعد أن فرض البلد العضو في حلف شمال الأطلسي رسوما انتقامية على السلع الأميركية ردا على رسوم أميركية على الصلب والألومنيوم.

وذكر أن رفع تركيا من البرنامج لن يسري قبل مرور 60 يوما على الأقل من إخطار الكونغرس والحكومة التركية وإنه سيدخل حيز التنفيذ بموجب إعلان رئاسي. وأخطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكونغرس بالأمر الاثنين.

وركزت إدارة ترامب ردها على تحدي أردوغان باعتماد مسار العقوبات الذي يوجع الاقتصاد التركي المتراجع، وهو ما بدا واضحا من خلال العقوبات التي دفعت إلى تهاو غير مسبوق لليرة التركية لم تخرج منه إلا بعد أن أعلنت أنقرة عن إطلاق سراح القس أندرو برونسون المحتجز لديها، مقابل تراجع واشنطن عن عقوباتها.

ويعتقد محللون أن الخطوة الأميركية الجديدة هي رسالة سياسية بالدرجة الأولى، وأن الهدف منها التأكيد أن واشنطن تمتلك ما يكفي من الأوراق للرد على تحدي أردوغان للسياسة الأميركية، سواء في الموقف من الأكراد، أو في الإصرار على شراء صفقة صواريخ أس-400 من روسيا.

وأيا كانت النوايا الأميركية، فإن توقيت القرار سيء بالنسبة إلى الرئيس التركي الذي يجد نفسه على أبواب انتخابات محلية وسيقاس نفوذه وشعبيته من بوابة نتائج حزبه، العدالة والتنمية، ومن شأن هذا القرار أن يثير مخاوف الأتراك من أزمة جديدة في المجال الاقتصادي، وخاصة لدى رجال الأعمال ودوائر المال التي لم يعد بمقدورها أن تتحمل نتائج سياسات أردوغان التي جلبت لها الكثير من الخسائر.

وستهز عقوبات جديدة الصورة التي يرسمها الرئيس التركي عن سياسته الخارجية التي يقول إنها أعادت نفوذ تركيا وحولتها إلى دولة إقليمية مؤثرة وقادرة على فتح جبهات متعددة في نفس الوقت. لكن الصورة التي يخلفها القرار الأميركي توحي للأتراك بأن هذه السياسة لا تجلب سوى المزيد من الأزمات.

جلدم أتاباي شانلي: سحب تمتع أنقرة بمزايا المعاملة التجارية التفضيلية يكشف حجم الخلافات السياسية بين أنقرة وواشنطن

ولا يعطي القرار للرئيس التركي أي مبرر للاحتجاج ولا الحديث المريح عن المؤامرة لأن مبرر الخطوة الأميركية هو أن اقتصاد تركيا تطور بما يكفي ولم يعد يحتاج إلى دعم خارجي، وهو موقف دأب أردوغان على تكراره للإيحاء بنجاح إصلاحاته الاقتصادية، ولا يمكن أن يتراجع عنه.

واكتفت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، بالقول إن هذا القرار “يخالف هدفنا المشترك ببلوغ حجم تبادل تجاري يبلغ 75 مليار دولار وسيترك من جانب آخر أثرا سلبيا على الشركات الصغيرة والمتوسطة الأميركية”.

ويقول الباحث السياسي التركي والكاتب في موقع أحوال تركية، جنكيز أكتار إن التأثير الاقتصادي لهذا القرار من الممكن احتواؤه، لكن الأهم من البعد الاقتصادي لهذا القرار هو كونه رسالة سياسية ذات بعد رمزي مفادها أن الولايات المتحدة لديها الكثير من الأوراق بمتناول يدها وبإمكانها أن تستخدمها ضد تركيا في الوقت المناسب.

وقد يؤثر هذا القرار على مسار الانتخابات المحلية المقررة نهاية الشهر الجاري بأن يشعر الناخب التركي أن الولايات المتحدة الحليف القديم تعاقب تركيا. لكن أكتار يقول إن أردوغان يمكن أن يستخدمه لمصلحته، كأن يعلن في خطاباته أن تركيا تواجه عدوانا أميركيا، ما سيساعد الرئيس التركي على نشر البروباغندا أمام الجماهير خلال الحملات الانتخابية.

وتعتقد الباحثة الاقتصادية جلدم أتاباي شانلي أن سحب تمتع أنقرة بمزايا اتفاقية “المعاملة التجارية التفضيلية” له جذور أكثر في السياسة من كونها في الاقتصاد، مشيرة إلى أنه يمكن لأي متابع أن يلاحظ حجم الخلافات السياسية بين أنقرة وواشنطن والتي ينصب جلها في التطورات في سوريا وطموحات تركيا لشراء أنظمة الصواريخ أس-400 من روسيا التي ترفضها الحكومة الأميركية والبنتاغون بشدة.

وتشير شانلي، وهي كذلك، مديرة سابقة في مركز الدراسات الاستراتيجية لمؤسسة اجيلي آند كو إلى أن تركيا ستفقد بالتأكيد جزءا من صادراتها إلى الولايات المتحدة وليس كلها، وأنه يتعين على الشركات التركية التي تبيع بموجب اتفاقية المعاملة التجارية التفضيلية إما تحمل هامش ربح أقل وإما البحث عن أسواق تعويضية.

ويرى أستاذ الاقتصاد إيسار كاراكاش والكاتب في موقع أحوال تركية أن القرار الأميركي قد يكون له أثر اقتصادي آخر بعيد عن الاستيراد والتصدير، وهو أن الاستثمارات الأميركية غير المباشرة في تركيا ستنخفض إذ سيشعر المستثمرون بالقلق للتواجد في بلد تم إخراجه من نادي الدول التي تحظى بمعاملة تجارية خاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى