اقتصاد

الكساد يضرب موسم حصاد العنب في غزة

عمق كساد تجارة العنب من متاعب مزارعي غزة لتضاف إلى أزمات نقص المياه والتغيرات المناخية والمصاعب الاقتصادية الحادة الأخرى، التي يعاني منها القطاع منذ أكثر من 12 عاما بسبب القيود الإسرائيلية.

غزة – تفاقمت معاناة المزارعين في غزة بعد أن بدأوا في إحصاء خسائرهم حتى قبل جني محصول العنب، الذي لن يجد طريقه إلى الأسواق بسبب الفارق في تكاليف الإنتاج والبيع للمستهلكين، في ظل انعدام فرص تسويقه خارج القطاع.

ومع انطلاق موسم حصاد العنب قبل أيام في غزة، صُدم المزارع يوسف أبوسلمى، بخسارة الأرباح بعد عدة أشهر اعتنى فيها بأشجاره المزروعة بشكل مستمر.

ويعزو أبوسلمى البالغ من العمر (32 عاما) وأقرانه في أحاديث متفرقة مع وكالة شينخوا الصينية تعثر موسمهم إلى عدة عوامل دفعت بتراجع شديد في موسم العنب في القطاع لهذا العام.

ومن هذه الأسباب، السياسة المتعلقة بالحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ منتصف 2007 بما يتضمنه من قيود شديدة على عمل المعابر وحركة التصدير للبضائع والمنتجات.

كما يشير أبوسلمى بحسرة شديدة إلى واقع الركود الاقتصادي، الذي تعانيه غزة بشكل متصاعد بفعل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وما يسببه ذلك من ضعف في الحركة التجارية.

ويقول أبوسلمى، وهو أب لأربعة أطفال إنه كان قد اضطر لبيع بعض ممتلكاته ليتمكن من استئجار أرض زراعية من أجل أن يزرعها على أن تعوضه الأرباح عن ذلك لاحقا.

ويوضح أن محصول العام الحالي من زراعة العنب كلفه ما يقارب 25 ألف دولار، لكن تطلعاته لجني الأرباح من ذلك ذهبت أدراج الرياح، بل إنه تكبد خسائر باهظة.

ويضيف “لم نستطع أن نجني سوى عشرة آلاف دولار من المحصول بعد حصاده والشروع في تسويقه، وهذا المبلغ يغطي نحو ثلث التكلفة الإجمالية تقريبا، ما يجعل الموسم الحالي الأسوأ بالنسبة لي وللمزارعين الآخرين”.

وتُزرع في قطاع غزة عدة أصناف من العنب تنقسم إلى نوعين رئيسيين، هي المحاصيل البذرية وغير البذرية.

وعادة ما ينطلق موسم حصاد العنب في نهاية يونيو من كل عام، وقد تزامن هذا العام مع استيراد كميات كبيرة من العنب من كل من مصر والضفة الغربية إلى القطاع.

وشكل ذلك مصاعب إضافية بالغة للمزارعين المحليين، الذين اشتكوا من تدهور كبير في أسعار بيع العنب بسبب كميات الاستيراد الكبيرة من نفس المحصول.

وتبلغ تكلفة كيلوغرام العنب على المزارعين قبل قطف المحصول حوالي دولار واحد، في حين يتم بيعه في الأسواق بنحو 0.75 دولار، وهو ما يشكل خسارة كبيرة بالنسبة للمزارعين، بحسب شكواهم.

وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية القابلة لزراعة العنب في قطاع غزة حوالي 6 آلاف دونم، حيث من المفترض أن تنتج ما يقارب 7500 طن من العنب، بحسب وزارة الزراعة، التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع.

وقال وكيل وزارة الزراعة إبراهيم القدرة لوكالة شينخوا إن “ناتج محصول العنب هذا العام أقل من المتوقع مقارنة بمعدل الإنتاج في العام الماضي”.

وعلل القدرة ذلك بتغير الظروف المناخية حيث جاء الحر متأخرا، وهو ما ساهم في فساد جزء كبير من الحصاد.

وأوضح أن الأسعار التي يباع بها محصول العنب غير مرضية للمزارعين، وذلك نتيجة الوضع الاقتصادي الضعيف الذي تسبب فيه الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وأزمات الرواتب للموظفين العموميين، فضلا عن التدهور الاقتصادي الحاصل.

ونفى أن يكون استيراد العنب أو أي محصول زراعي آخر من خارج غزة يتم على حساب المنتج المحلي، مؤكدا أن أي قرار بالاستيراد لا يتم إلا بعد حدوث فجوة في المتوفر للاستهلاك المحلي.

وشدد القدرة على ضرورة دعم المنتج المحلي من أجل دعم المزارع وتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل والفواكه التي تتيح للمزارعين الربح الأكبر.

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على غزة، منذ 12 عاما بعد سيطرة حركة حماس الإسلامية على القطاع بالقوة، إثر جولات من القتال مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

ويلقي هذا الوضع بظلال قاتمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة، حيث أكد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير بمناسبة يوم العمال العالمي مطلع مايو الماضي، أن معدل البطالة في القطاع وصل إلى حوالي 52 بالمئة.

وأوضح التقرير أن حوالي 83 في المئة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة.

ويبلغ معدل الدخل اليومي للفرد دولارين، وذلك بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو ما يعدّ الأسوأ عالميا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى