الأخبار

القمع يفنّد تعهدات الجيش الجزائري بحماية الحراك

القمع يفنّد تعهدات الجيش الجزائري بحماية الحراك

الشرطة الجزائرية تنفذ حملة اعتقالات للعشرات من ناشطي الحراك الشعبي في العاصمة قبل التظاهرة الأسبوعية ضد السلطة

يواصل الجزائريون الاحتجاج ضد السلطة للجمعة الخامسة عشرة منذ انطلاق الحراك الشعبي في البلاد، رغم الإجراءات القمعية التي تطبقها مختلف الأسلاك الأمنية، التي تسعى بكل الوسائل إلى تحجيم المتظاهرين في مربعات صغيرة، ومنعهم من الوصول إلى بعض الأماكن الرمزية.

الجزائر – تعكس حملة الاعتقالات التي نفذتها الشرطة الجزائرية وطالت العشرات من ناشطي الحراك الشعبي الجمعة، انقلابا في موقفها من الحراك الذي اتسم بالتساهل خلال الأسابيع الماضية.
وأوقفت الشرطة الجزائرية الجمعة العديد من المارة في العاصمة على مشارف ساحة البريد المركزي نقطة تجمع المحتجين ضد النظام أسبوعيا.
وتم توقيف نحو ثلاثين شخصا معظمهم من الشباب، دون سبب محدد على ما يبدو، من شرطيين باللباس المدني أو الزي العادي منتشرين حول ساحة البريد المركزي.
وقال شاهد عيان لـ”العرب” إن “السلطات الأمنية كثفت الحواجز الأمنية في كل مداخل وتخوم العاصمة وحتى في بعض التقاطعات من أجل عرقلة حركة المرور، والحيلولة دون دخول أعداد كبيرة من سكان المدن والمناطق المجاورة إليها”.
وأضاف “كل السيارات والمركبات التي تحمل لوحات ترقيم غير عاصمية يعمد أفراد الأمن إلى عرقلة دخولها، وحتى رفع رايات وطنية أو شعارات لحملها في المسيرة الشعبية، يعتبر بالنسبة لهؤلاء حجة لمنع صاحبها من الوصول إلى وسط العاصمة”.
وتتضارب هذه التدابير مع الخطاب الذي ما انفكت قيادة المؤسسة العسكرية توجهه أسبوعيا للرأي العام، حيث يشيد في كل مرة الجنرال أحمد قايد صالح، بالطابع السلمي والهادئ للحراك الشعبي، ويتوعد بحمايته من الاعتداءات والاختراقات.
ورغم السلوكات العدوانية والتضييقات التي ظهرت على أفراد الأمن في التعاطي مع المتظاهرين السلميين، إلا أن المحتجين حافظوا على الطابع الهادئ للمسيرات الشعبية، واضطروا خلال التظاهرات الأخيرة إلى الضغط بالشعارات والهتافات والأعداد المعتبرة على الوحدات الأمنية.
ورغم الأحداث الخطيرة التي سجلت في بعض الأحيان والالتحامات القوية بين قوات الأمن والمتظاهرين، إلا أنها بقيت معزولة إلى حد الآن.

شخصيات دينية تنضم إلى الخندق الضاغط على قيادة المؤسسة العسكرية، من أجل تكريس قواعد الدولة المدنية

وشارك شقيق المناضل السياسي والناشط الحقوقي الميزابي كمال الدين فخار، الذي قضى في ظروف غامضة وغير إنسانية في سجن حكومي، وينتظر دفنه نهار اليوم السبت بمقبرة العالية بالعاصمة، في المسيرات الشعبية التي انتظمت نهار أمس الجمعة بالعاصمة، في إطار الجمعة الخامسة عشرة من عمر الحراك الجزائري.
ورغم الظروف الاستثنائية التي تعيشها العائلة والأنصار الذين لم يتوقفوا عن التظاهر في مدينة غرداية منذ الإعلان عن وفاة فخار، إلا أن شقيقه شدد في تصريحات صحافية على “ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للمظاهرات، واستمرار الضغط الهادئ على السلطة إلى غاية تحقيق المطالب التي رفعها المناضلون الشرفاء ومنهم شقيقه كمال الدين”.
وضغط الرحيل غير الإنساني للناشط الحقوقي والسياسي فخار، باتجاه تبني تدابير أكثر ليونة وإنسانية تجاه موقوفين سياسيين ومناضلين مقموعين من طرف المصالح الأمنية والقضائية، حيث سارع قضاء مدينة غرداية إلى إطلاق سراح الناشط إبراهيم عوف، الذي كان في نفس الزنزانة مع فخار. كما قام النائب العام لقضاء العاصمة باستقبال الناشط والقيادي في جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة علي بلحاج في مكتبه، للنظر في الشكوى المرفوعة لديه حول التضييقات التي يتعرض لها في حياته اليومية.
وشددت مسيرات نهار أمس على “ضرورة رحيل حكومة نورالدين بدوي، نظير عدم شرعيتها ووفائها للنظام الذي نصبها، وللممارسات الأمنية والقمعية التي كانت تطبقها على الغاضبين عليها، وعدم تجاوبها مع المطالب السياسية والحقوقية المرفوعة منذ الأسابيع الأولى لانطلاق مظاهرات الحراك الشعبي”.
وعلى الصعيد السياسي انضم فصيل من الشخصيات الدينية والفكرية المستقلة، إلى الخندق الضاغط على قيادة المؤسسة العسكرية، من أجل تكريس قواعد دولة مدنية، ووضع قواعد شفافة لتسليم السلطة للمدنيين، والخروج الآمن من الأزمة السياسية السائرة نحو المزيد من التعقيد في ظل الاستقطاب الحاد بين المتظاهرين والجيش.
وشدد بيان موقع من قبل عدد من الشخصيات الدينية والفكرية ووزراء ومسؤولين سابقين، وأعيان في الزاوية الرحمانية والمجتمع الميزابي، على ضرورة الذهاب إلى مرحلة انتقالية قصيرة، تديرها شخصية وطنية تحظى بتوافق أغلب الجزائريين.
وجاء على رأس الموقعين محمد طاهر آيت علجات، ومأمون القاسمي، وسعيد شيبان، ودعا هؤلاء إلى تشكيل حكومة ذات كفاءات وطنية عالية تسهر على تسيير المرحلة الانتقالية، وتضطلع بتنظيم انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة وتعبر عن إرادة الشعب الجزائري، وتنظيم ندوة وطنية لمناقشة كل الشؤون والملفات المطروحة من أجل بناء دعائم دولة جديدة هادئة ومستقرة.
وجاءت المبادرة السياسية الجديدة، التي تضاف إلى عشرات المبادرات وخرائط الطريق المطروحة من طرف قوى سياسية وشخصيات مستقلة ومن أكاديميين، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، لتسحب الذريعة تدريجيا من أيدي العسكر، الذي كان عند تبرير تفرده بالقرار يتحجج بغياب الحلول والبدائل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى