اقتصاد

القطاع المصرفي يدعم إيقاع مشاريع التنمية في سلطنة عمان

يثبت نمو الائتمان الممنوح للمشاريع الاستثمارية بسلطنة عُمان استقرار القطاع المصرفي ومتانته رغم التحذيرات من احتمال اتساع فجوة القروض المتعثرة وهو ما يعده محللون بمثابة صمام أمان لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة في ظل التحديات المالية الكثيرة التي تواجه البلد الخليجي.

مسقط – اعتبر محللون أن ارتفاع إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قِبل القطاع المصرفي العماني خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري يعطي لمحة عن مدى الدعم الذي تقدمه البنوك المحلية إلى الاقتصاد لتجاوز محنة الجائحة تدريجيا.

ونمت القروض على أساس سنوي بنسبة 2.1 في المئة ليصل حجمها إلى 27.1 مليار ريال (70.4 مليار دولار) الأمر الذي يؤكد أن القطاع يتبع سياسات مالية متوازنة ولديه السيولة الكافية لتمويل جميع مشاريع التنمية رغم التحذيرات من أنه قد يتعرض إلى مشاكل بسبب القروض المتعثرة.

ويشير البعض من المتابعين إلى نسبة أسعار الفائدة التي لا تتجاوز اثنين في المئة إذ يبدو أنها تساهم كثيرا في نمو عمليات الإقراض كونها محفزة خاصة للشركات والمستثمرين.

وأوضحت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العماني والتي نشرتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن الائتمان الممنوح للقطاع الخاص انخفض بمقدار 0.1 في المئة ليصل إلى 23.1 مليار ريال (60 مليار دولار) بنهاية مايو الماضي.

وتشير البيانات المتعلقة بتوزيعه على مختلف القطاعات، إلى استحواذ قطاع الشركات غير المالية على ما نسبته 46.5 في المئة يليه قطاع الأفراد ومعظمه تحت بند القروض الشخصية بنسبة 45.3 في المئة.

أما النسبة المتبقية فقد توزعت على قطاع الشركات المالية 4.8 في المئة وقطاعات أخرى 3.4 في المئة، مما يعني أن القطاع المصرفي شريك أساسي وموثوق للحكومة العمانية ولمؤسسات القطاع الخاص وللمستثمرين الأجانب في مجال تقديم التمويل والاستشارات المالية.

2.1 في المئة نسبة ارتفاع قروض البنوك في أول 5 أشهر من 2021 بمقارنة سنوية

وعند النظر إلى توزيع إجمالي قاعدة الودائع للقطاع الخاص على مختلف القطاعات، تشير الأرقام إلى أن حصة قطاع الأفراد بلغت 51 في المئة، ثم قطاعي الشركات غير المالية والشركات المالية بحصة 32 في المئة و14.6 في المئة على التوالي، أما النسبة المتبقية 2.4 في المئة فتوزعت على قطاعات أخرى.

وتأتي الأرقام المسجلة بفضل قوة الملاءة المالية التي تتمتع بها المصارف الوطنية والتي تتوافق مع المعايير والأنظمة الدولية لكفاية رأس المال، مدعومة بالسيولة النقدية المتوفرة للقطاع المصرفي.

ويعد العمل المصرفي نشاطا حيويا في أي اقتصاد، ولدى البنوك مهمة أساسية ومتعاونة للقيام بها، كما يعتمد سلوك القطاع المصرفي والمالي على صلابة نمو الناتج المحلي الإجمالي.

ويبدو أن السياسات المالية والاقتصادية المتزنة نجحت في تعزيز ثقة المستثمرين في إمكانات البلاد رغم الضغوط وساهمت في جلب الاستثمارات الكبيرة وتقديم العديد من التسهيلات لتحفيز وإنعاش الاقتصاد المحلي في كافة المجالات.

ويقول المسؤولون عن السياسات النقدية العمانية إن “المصارف ستواصل وضع إمكانياتها وقدراتها المالية والفنية في خدمة مختلف المشروعات التنموية التي تنوي حكومة سلطنة عُمان تنفيذها خلال المرحلة المقبلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة”.

ورغم النشاط المطرد للقطاع المصرفي لكن بالنظر إلى حجم النمو والتعاملات المالية، تعتبر عُمان، المصنفة ديونها عالية المخاطر من وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاث، من أضعف اقتصادات منطقة الخليج الغنية بالنفط، وقد راكمت ديونا في السنوات الأخيرة لتعويض الهبوط في إيرادات النفط.

وتتوقع وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن تتحسن الربحية الأساسية بشكل متواضع للبنوك العمانية فيما تبقى من هذا العام بسبب الانتعاش التدريجي في الإقراض، لكن خبراء الوكالة يقولون إن الانتعاش الاقتصادي البطيء وتكلفة المخاطر التي لا تزال مرتفعة تحد من التحسن.

Thumbnail

وكانت الوكالة قد حذرت في تقرير نشرته في أبريل الماضي من أن البنوك العُمانية تواجه ارتفاعا في القروض المتعثرة، وسط بطء الانتعاش الاقتصادي، لاستمرار الاضطرابات الناجمة عن تفشي وباء كورونا.

وقالت الوكالة في تقرير، إن الملامح الائتمانية الجوهرية لبنوك السلطنة، ستواجه ضغوطا على مدار العام الجاري وترفع نسبة القروض المتعثرة إلى 4.4 في المئة.

وحسب التقرير، تعتبر تأجيلات قروض الشركات كبيرة في السلطنة، وإذا لم يتم تمديد سدادها ستشكل مخاطر كبيرة على جودة الأصول عندما تنتهي صلاحيتها في سبتمبر المقبل.

وتباين إجمالي تأجيل القروض خلال العام الماضي بشكل كبير بين البنوك بنسب تراوحت بين 6 في المئة إلى 50 في المئة من إجمالي القروض، على أساس أصل القرض القائم والأرصدة ذات الصلة.

وارتفعت الخسائر الائتمانية المتوقعة للقطاع المصرفي العماني إلى قرابة 4.1 في المئة من إجمالي القروض بنهاية العام الماضي، حيث استفادت البنوك من المخصصات.

وانخفضت حاجة الحكومة العمانية للتمويل خلال العام الحالي قياسا بالعام الماضي ويرجع ذلك إلى الانتعاش الأخير لأسعار النفط وفرض ضريبة القيمة المضافة لتعزيز الإيرادات الحكومية.

ودخل تطبيق الضريبة في السلطنة اعتبارا من منتصف أبريل الماضي، في محاولة لتعزيز الإيرادات الحكومية وتقليص عجز الميزانية المتفاقم بسبب الأزمة.

وتعد سلطنة عُمان، التي انكمش اقتصادها بنسبة 4.9 في المئة خلال العام الماضي، منتجا صغيرا للنفط بمستويات لا تتجاوز 900 ألف برميل يوميا حاليا، بسبب الالتزام باتفاق أوبك+، مما أثّر بشدة على الميزانية الحكومية ودفع إلى إقرار خطة إصلاح اقتصادي شاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى