اقتصاد

القاهرة تطلق رصاصة التحرير الكامل لأسعار الوقود

أطلقت الحكومة المصرية أخيرا رصاصة التحرير الكامل لأسعار الوقود لتكمل بذلك أحد أكبر الإصلاحات الاقتصادية، التي بدأتها بتعويم الجنيه في نوفمبر 2016، لكن تلك الخطوات تثير استياء شعبيا بسبب سرعة وكثرة إجراءات التقشف القاسية التي تلقي أعباء الإصلاحات على كاهل المصريين.

القاهرة – كشفت وزارة البترول المصرية الجمعة أن القاهرة تعتزم تطبيق آلية التسعير التلقائي للمنتجات النفطية بهدف ربطها بالأسعار العالمية بداية من الربع الأخير من العام الجاري.

ويعني هذا أن الدولة ستطبق الخطوة قبل الموعد المقرر والذي كان من المفترض أن يتمّ في الربع الثالث من العام المالي الحالي، الذي بدأ مطلع يوليو الجاري.

وكان وزير البترول طارق الملا قد قال في مقابلة مع قناة أم.بي.سي مصر في يناير الماضي إن الحكومة تتجه لتحرير أسعار الوقود بالكامل بحلول 2020.

وسيكون الربط من خلال دراسة أسعار النفط الخام (برنت القياسي)، إضافة إلى أسعار الصرف، إذ تشتري مصر الوقود بالدولار وتبيعه محليا بالجنيه، وتضاف إليهما أيّ تكاليف أخرى.

ويتوقع أن يتم في الفترة القليلة المقبلة تشكيل لجنة تتألف من وزارتي المالية والبترول، وكذلك الهيئة العامة للبترول لمتابعة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية، التي تدرس تحديد سعر الوقود كل ثلاثة أشهر.

وبهذا القرار تصبح مصر فعليا ثالث دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد كل من الإمارات والمغرب في ربط الأسعار المحلية بالأسعار المتداولة في الأسواق الدولية.

وقال مسؤول في الوزارة، طلب عدم نشر اسمه، لوكالة رويترز إن “الأسعار الجديدة للبنزين في مصر تعادل التكلفة الفعلية حاليا”.

وتأتي تصريحات المسؤول بعد ساعات من قرار الحكومة رفع أسعار الوقود في البلاد بنسب تتراوح بين 16 بالمئة و30 بالمئة في بعض المنتجات، في إطار خطة تحرير سعر الوقود.

وهذه المرة الخامسة التي ترفع فيها مصر أسعار الوقود منذ يوليو 2014، بموجب خطط سابقة للتخلص من أعباء بند دعم الطاقة في الموازنة العامة للدولة.

وتقرر رفع سعر البنزين 92 أوكتين بنحو 18.5 بالمئة إلى ثمانية جنيهات (0.48 دولار) للتر، أما البنزين 80 أوكتين الأقل جودة فزاد بنحو 22.7 بالمئة ليبلغ السعر الحالي 0.4 دولار للتر.

وذكرت الوزارة أن سعر البنزين 95 زاد بنحو 16 بالمئة ليصل إلى 9 جنيهات (0.54 دولار) للتر، في حين ارتفع السولار إلى 0.4 دولار للتر أي بنحو 22.7 بالمئة عن السعر السابق.

وذكر البيان أن سعر أسطوانات غاز الطهي ارتفع بنسبة 30 بالمئة، ليبلغ 3.9 دولار للاستخدام المنزلي ونحو 7.8 دولار للاستخدام التجاري.

وبحسب المصدر، فإن الحكومة ما زالت تدعم أسطوانات الغاز، بالإضافة إلى المنتجات البترولية المقدمة للمخابز ومحطات الكهرباء.

وزاد سعر المازوت لصناعة الطوب والأسمنت بنسبة 28.5 بالمئة، ليصل سعر الطن إلى 270 دولارا بدل حوالي 210 دولارات للطن في السابق. وأبقت الحكومة على سعر المازوت للصناعات الغذائية والكهرباء دون تغيير.

3.1 مليار دولار رصدتها القاهرة لدعم الطاقة في العام المالي الحالي، لكنها لن تحتاج لإنفاقها

واستقبل المصريون بمزيد من القلق تطبيق المرحلة الأخيرة من تحرير أسعار الوقود، وفق المراجعة الأخيرة لبعثة صندوق النقد الدولي، وطبقا للبرنامج الزمني الذي أعلنته الحكومة لإلغاء دعم الوقود بالكامل.

وتصطدم طموحات تحرير الطاقة في القاهرة مع خطط الرضا الشعبي، حيث تأتي بعد شهر من رفع أسعار الكهرباء بنسبة 15 بالمئة، وارتفاع معدل التضخم بما فاق توقعات بنوك الاستثمار.

وكانت وزارة المالية قد قدرت فاتورة دعم المواد البترولية للسنة المالية 2019 – 2020 بنحو 3.1 مليار دولار، لكن إلغاء الدعم بعد أربعة أيام من بداية العام المالي مطلع الشهر الحالي، يعني أنها ستوفر ذلك المبلغ.

وتعهدت الحكومة بخفض دعم الطاقة بموجب برنامج مدته ثلاث سنوات وقعته مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

وشكل دعم الطاقة ما يصل إلى 20 بالمئة من الموازنة الحكومية في السنوات القليلة الماضية، وهو رقم كبير في دولة تمر بمتاعب اقتصادية خلفتها الفوضى، التي ضربت البلاد في يناير 2011.

وأكد الملا في وقت سابق أن الدولة دعمت المحروقات بنحو 2.52 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي الماضي.

وتحتل القاهرة المركز الخامس عربيا بعد كل من ليبيا والسودان والكويت والجزائر ضمن الأقل سعرا للوقود في المنطقة العربية بنحو 0.374 دولار، وفق بيانات موقع غلوبال بترول برايس المنشورة العام الماضي.

ويرى محللون أن انخفاض أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة مكن تلك الدول من التحول بسهولة من دعم الأسعار إلى تحقيق إيرادات من مبيعات الوقود وقد تساعد الخطوة التي أقرتها القاهرة في تعزيز إيراداتها دون أن تتحمل أيّ مصاريف إضافية في الموازنة.

واعتبر وزير المالية محمد معيط في العام الماضي أن قرار تخفيض الدعم الموجه للمواد البترولية ضروري لاستقرار الأوضاع المالية بعد تخطي أسعار النفط العالمية حاجز 80 دولارا للبرميل.

وقال في تصريحات صحافية في ذلك الوقت إن “الدولة تدخلت لتصحيح الأسعار المحلية حتى لا تؤثر سلبا على وضع المالية العامة للدولة وتعرضها مرة أخرى للخطر”.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن مصر تستورد سنويا نحو 35 بالمئة من حاجتها من الوقود حتى تتمكن من تلبية الطلب المحلي المتزايد.

ويتفق محللون على أن الاقتصاد المصري ازداد صلابة طيلة العام الماضي رغم ارتفاع الدين العام للدولة، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية، التي تنفذها الحكومة لتصحيح مسار الأوضاع سريعا والابتعاد عن شبح الأزمات الجاثمة على كاهل المواطنين منذ ثماني سنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى