الأخبار

القاهرة تراقب بقلق تحركات تركيا في شمال قبرص

القاهرة- حملت القمة التي عقدها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس في القاهرة السبت، الكثير من الرسائل والمعاني والدلالات الإقليمية، أهمها ما هو موجه إلى تركيا التي تستضيف وفدا مصريا الثلاثاء والأربعاء المقبلين ضمن محادثات تصحيح مسار العلاقات بين البلدين.

وشدد السيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع أنستاسيادس على ضرورة تعزيز التعاون مع قبرص وحرص بلاده على دعم القضية القبرصية ومصالحها في البحر المتوسط، وتعزيز آلية التعاون بين قبرص واليونان ومصر حول الملفات المشتركة، ودعا إلى احترام كافة الدول للقانون الدولي في شرق المتوسط.

ونشرت تركيا المزيد من الطائرات المسيرة في شمال قبرص مؤخرا في خطوة استفزازية جديدة أرادت منها تعزيز حضورها النوعي هناك، وربما جس نبض بعض القوى الإقليمية، وبينها مصر، واختبار عمق علاقاتها العسكرية بقبرص.

ولفتت مصادر لـ”العرب” في وقت سابق إلى أن مصر تتابع بقلق تحركات تركيا في شمال قبرص، غير أنها تنأى عن الاحتكاك بها في هذه القضية، لأنها من صميم اهتمامات المجتمع الدولي.

كرم سعيد: مصر لن تتخلى عن قبرص أو تُفرّط في التحالف معها

وتزايد التقارب بين مصر وقبرص واليونان على خلفية اكتشافات الغاز الواعدة في شرق المتوسط وتصاعد التوتر الإقليمي بعد قيام  تركيا بالتنقيب في مناطق متنازع عليها مع كل من قبرص واليونان، وتشبثها بفرض إرادتها عبر ما يسمى بـ”دبلوماسية البوارج العسكرية”، التي أزعجت العديد من الدوائر الغربية.

وأكد الرئيس القبرصي السبت أن لدى بلاده إرادة مشتركة لتقوية الروابط السياسية والاقتصادية مع مصر، لافتا إلى أن أفعال تركيا تتعارض مع جميع القرارات الدولية، ومن الضروري حل القضية القبرصية، وفق قرارات مجلس الأمن.

ويبدو أن قبرص سوف تتحول إلى رقم مهمّ في التوازنات المصرية مع تركيا، وبعيدا عما يربط البلدين من تفاهمات إقليمية بشأن منتدى غاز شرق البحر المتوسط يمكن توظيفها في إطار ممارسة ضغوط على أنقرة التي تستخدم أسلحتها من دول وجماعات، فقبرص على علاقة غير ودية بأنقرة وتتعرض لمضايقات متواصلة بسبب توجهات تركيا العدائية لها.

وتراجعت أوجه الصدام الظاهر بين القاهرة وأنقرة في بعض القضايا، إلا أنها لم تصل بعد إلى مستوى ثابت ومستقر، لأن تركيا لم تدخل تعديلات كبيرة على سياساتها الخارجية، خاصة في الأزمة الليبية، بما يستجيب للشروط المصرية.

وأدى هذا التعثر إلى عدم البناء على جولة المشاورات الاستكشافية الأولى التي عقدت في القاهرة أوائل مايو الماضي بين وفدين من وزارتي الخارجية في البلدين، وبدت أنقرة أكثر استقواء بما تملكه من أوراق إقليمية تمثل قلقا لمصر.

ويقول مراقبون إن تطوير علاقات مصر مع كل من قبرص واليونان بات يتجاوز التعاون بشأن غاز شرق المتوسط، حيث تستشعر تركيا صعوبة في اختراق هذه الحلقة بمفردها، وترى أن تطبيع العلاقات مع مصر يمكن أن يؤدي إلى تفكيك أضلاع مثلث يعد منغصا قويا لها في المنطقة.

ويضيف المراقبون أن القاهرة منتبهة إلى هذه المسألة جيدا، ومن الصعوبة أن تقبل بتطور علاقاتها مع أنقرة على حساب نيقوسيا أو أثينا اللتين وفرتا لمصر قناة سياسية موثوقة لديها في الاتحاد الأوروبي، وهذا لا يعني عدم التلويح بهما في مواجهة تركيا كأدوات ردع يمكن استثمارها سياسيا عند اللزوم.

وقد عقد الرئيسان المصري والقبرصي قمتهما في إطار أعمال اللجنة العليا المشتركة، تناولت العلاقات الثنائية في مجالات الدفاع والتعاون العسكري والأمن والطاقة والتجارة والاستثمار والنقل البحري والزراعة والتعليم والبيئة والشباب.

وبحثت القمة المستجدات على الساحة السياسية في ظل التحديات المشتركة التي تواجه البلدين حاليا وتستوجب تكثيف التنسيق والتشاور بينهما على جميع المستويات لترسيخ الأمن والاستقرار.

تطوير علاقات مصر مع كل من قبرص واليونان بات يتجاوز التعاون بشأن غاز شرق المتوسط، حيث تستشعر تركيا صعوبة في اختراق هذه الحلقة بمفردها

وقال الباحث المصري في الشؤون الإقليمية كرم سعيد إن اجتماعات اللجنة المشتركة يمكن فهمها في سياق مجموعة من التطورات الإيجابية حدثت بين البلدين، مع تعدد أطر التعاون والتنسيق المثمرين على أصعدة مختلفة.

وأكد لـ”العرب” أن انعقاد القمة قبيل جولة المحادثات الاستكشافية الثانية بين مصر وتركيا لا يعني التخلي عن قبرص أو التفريط في التحالف معها، وأن القاهرة عازمة على المضي قدما نحو تعزيز العلاقات الاستراتيجية في الفناء الخلفي لتركيا التي يحتاج التطبيع معها إلى حسن نوايا كبير لأن القضايا الخلافية شائكة وممتدة ومتباينة.

وأشار إلى أهمية الفصل بين المسارين، وحرث مصر على تطوير علاقاتها مع دول مختلفة بالتوازي، وهو ما يفهم في سياق تعدد المصالح الإقليمية وإمكانية تجنب الصدام بين دول المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى