الأخبار

العبادي خيار الصدر لولاية ثانية

العبادي خيار الصدر لولاية ثانية

تقدم قائمة النصر إلى المرتبة الثانية يربك خطة إيران لتجميع حلفائها في تحالف.

بغداد – بالرغم من أن النتائج الرسمية للانتخابات العراقية لم تعلن بعد، إلا أن تسلسل الفائزين فيها يتغير باستمرار، مع توالي إضافة النسب المتبقية من أصوات ناخبي الداخل، وإكمال عملية إدخال بيانات ناخبي الخارج.

ويبدو أبرز الرابحين من تغير النتائج رئيس الوزراء حيدر العبادي وقائمة النصر التي يتزعمها، إذ تقدّم من المركز الثالث إلى الثاني، متفوقا على قائمة الفتح التي تضم خليطا من ممثلي الجماعات العراقية المسلحة المدعومة من إيران ويقودها زعيم منظمة بدر هادي العامري، خلف القائمة المدعومة من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وتقول مفوضية الانتخابات، وهي الجهة المسؤولة عن الإعداد للاقتراع العام وإجرائه في العراق، إنها لن تعلن النتائج النهائية قبل، السبت، مُخلية مسؤوليتها عن أي نتائج تتداولها الماكينات الانتخابية الحزبية.

وتعرّض عمل المفوضية ونظام احتساب النتائج الإلكتروني الذي تعتمده إلى تشكيك واسع، وطالبت العديد من القوائم باللجوء إلى نظام العدّ والفرز اليدوي، على خلفية اتهامات وجهت لبعض القوى بتزوير النتائج في محافظات الأنبار ونينوى وكركوك.

وتدخل العبادي شخصيا في هذا الملف، مقترحا اعتماد العدّ اليدوي في نتائج 80 صندوقا انتخابيا في كركوك، وفي حال ثبت وجود تزوير يمكن أن تشمل العملية اليدوية مناطق أخرى، من دون أن يستبعد إمكانية اللجوء إلى العدّ اليدوي في عموم الدوائر البالغة 18.

ووفقا لآخر حسابات النتائج، فقد حصل تحالف سائرون المدعوم من الصدر على 55 مقعدا متصدرا عموم الدوائر، فيما حل العبادي ثانيا بـ51 مقعدا، وجاء الفتح في المركز الثالث بـ50، فيما لم يتغير عدد مقاعد ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي عن 25 مقعدا.

ويقول مراقبون إن التسلسل الجديد للفائزين، يغيّر قليلا معادلة تشكيل الحكومة ويضع العبادي في موقف أفضل.

وتحدثت مصادر سياسية في بغداد عن تقلّص فرص العبادي في ولاية ثانية في حال حلوله ثالثا، لأن القائمة المدعومة إيرانيا بالتحالف مع المالكي ستكون حظوظها أكبر في عزله.

وما شجّع على هذه التكهنات وصول قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى بغداد، الثلاثاء، حيث عقد لقاءات مع العامري والمالكي، حضرها القيادي البارز في الحشد الشعبي أبومهدي المهندس بالمنطقة الخضراء.

وقالت مصادر مطلعة إن هدف الزيارة يتمثل في عزل قائمة الصدر عن التأثير في تشكيل الحكومة المقبلة.

ومع السقف العالي الذي يضعه الصدر لطموح قائمته، في ما يتعلق باستعادة القرار السياسي العراقي من إيران ومحاربة كبار الفاسدين وتشكيل حكومة من “التكنوقراط”، تبدو فرص العبادي ضعيفة في الحصول على ولاية ثانية، لذلك حاول سليماني استمالته، عارضا عليه الدخول في تحالف واسع يضم الفتح ودولة القانون.

ووفقا لمصادر مطلعة، فإنّ صعود العبادي إلى المركز الثاني يحسن وضعه التفاوضي مع الصدر، ويمنحه المزيد من الحصانة أمام الإغراءات الإيرانية. وتروج وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحرس الثوري ولبنانية مقربة من حزب الله، سيناريو يتضمن تحالف العبادي مع المالكي والعامري لتشكيل تحالف واسع يمكنه ترشيح رئيس الحكومة الجديد.

مقتدى الصدر يعد العراقيين بحكومة تكنوقراط
مقتدى الصدر يعد العراقيين بحكومة تكنوقراط

لكن سياسيا وثيق الصلة بالعبادي نفى لـ”العرب” وجود “أي تفاهم” مع المالكي والعامري.

وقال السياسي إن “وسائل الإعلام التي تروج لتواصل العبادي مع المالكي والعامري تسعى للضغط على الجمهور ليس إلا”، مؤكدا أن “سائرون هي القائمة الأقرب للتحالف مع قائمة النصر، في انتظار النتائج النهائية”.

وسخر العبادي، شخصيا وبشكل غير مباشر، من سيناريو تحالفه مع الفتح والقانون، عندما قلل من أهمية التوقعات التي تتحدث عن “تشكيل كتلة شيعية كبيرة تضم ائتلاف النصر وتحالف الفتح ودولة القانون”.

وقلّل الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف من فرصة قيام تحالف شيعي جديد على غرار التحالف الشيعي الذي انفرط عقده، معتبرا أن ذلك أصبح الآن أمرا مستحيلا في ظل فوز قائمتي سائرون والنصر، اللتين لا تحسبان على التيار السياسي الشيعي الخالص، بعد أن ضم الصدر والعبادي إلى قائمتيهما كتلا وأحزابا سنية وعلمانية ومدنية، وأن مهمة سليماني في بغداد ستبوء بالفشل إلا إذا تم اعتبار التقارب بين المالكي والعامري نوعا من النجاح.

وقال يوسف في تصريح لـ”العرب” إن اللافت في زيارة سليماني أنه لم يلتق العبادي الذي قد يكون قرر أن يقاطع لقاء يشكل سببا مضافا لفقدانه فرصة العودة إلى منصبه رئيسا للوزراء، مشددا على أن تلك المقاطعة قد تعلي من شأن العبادي في عيون الصدريين وحلفائهم الذين لم يخفوا رغبتهم في النأي بالعراق عن المحور الإيراني وإنهاء التدخلات الخارجية في شؤونه.

وكان الصدر أعلن أن الحكومة العراقية القادمة ستكون حكومة تكنوقراط، وذلك بعد تأكيد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تقدم تحالفه الانتخابي سائرون في نتائج الانتخابات التي جرت مطلع الأسبوع.

وكتب الصدر في حسابه على موقع تويتر “لن تكون هناك (خلطة عطار).. مقبلون على تشكيل حكومة تكنوقراط تكون بابا لرزق الشعب ولا تكون منالا لسرقة الأحزاب”.

ويشير يوسف إلى أن العبادي بعد صعود قائمته إلى المرتبة الثانية سيكون أقل حذرا في تعامله مع الإملاءات الإيرانية، الأمر الذي يقربه من الصدر بما ييسر قيام تحالف بين الرجلين على أساس عملي تغلب فيه المنفعة الوطنية على التخندق الطائفي الذي صار بالنسبة للرجلين جزءا من الماضي.

ويضيف الكاتب العراقي أن الأكراد، ووفق ما هو متوقع، سيميلون إلى التحالف مع تيار سياسي له الغلبة أولا، وثانيا لأن طابعه المدني سييسر لهم عملية الاندماج مرة أخرى في العملية السياسية من موقع أقوى من الموقع الذي يمكن أن يحصلوا عليه لو تحالفوا مع تيار طائفي يدين بالولاء.

ويتوقع أنه طالما أن الخطاب الوطني هو الخطاب الرائج جماهيريا في عراق ما بعد الانتخابات، فإن كتلا صغيرة ستعزف عن التحالف مع تيار المالكي ــ العامري المشهود له بالطائفية، وستنضم إلى ما صار ممكنا بحكم المصلحة من تحالف بين الصدر والعبادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى