الأخبار

الصدر يعلن الانسحاب من الانتخابات: هروب معنوي من كوارث الصحة والكهرباء

بغداد – وصفت أوساط سياسية عراقية قرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الخميس عدم المشاركة في الانتخابات بأنه هروب معنوي من كوارث الصحة والكهرباء التي كان تياره طرفا رئيسيا فيها من خلال إدارته لحقيبتي الصحة والكهرباء، في الوقت الذي يشعر فيه العراقيون بغضب عارم من حرائق المستشفيات وأزمة انقطاعات الكهرباء المتكررة، ويعتبرون أن قرار الصدر مناورة هدفها النأي بالنفس عن الغضب الشعبي.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن فحم أجساد ضحايا حرائق المستشفيات، وآخرها حريق مستشفى الحسين في الناصرية بمحافظة ذي قار جنوب البلاد، وقبله مستشفى ابن الخطيب في بغداد لا يزال بأيدي المسؤولين عن وزارة الصحة، وأن العراقيين يتحدثون عن الكهرباء مثل طائر العنقاء الذي تسمع به ولن تراه.

وبات الصدر في مرمى الانتقادات الشعبية الواسعة التي تعتبر أن التيار الذي يقوده لا يختلف عن بقية الميليشيات التي سيطرت على العراق بقوة السلاح وتفرغت لنهبه والسيطرة على ممتلكاته، وأنه غارق مثل سائر القوى المشاركة في حكم العراق في الفساد، على عكس الصورة التي يرسمها لنفسه والتي مكنته من التحايل على العراقيين والفوز بكتلة ذات وزن في مختلف الانتخابات السابقة.

رحيم الكعبي: إعلان الصدر محاولة متأخرة لاحتواء حملة منسّقة قادها خصومه
رحيم الكعبي: إعلان الصدر محاولة متأخرة لاحتواء حملة منسّقة قادها خصومه

وسعى الصدر إلى تحميل الحكومة مسؤولية أزمتي الصحة والكهرباء من خلال دعوة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى إجراء تحقيق معمق وإعلان نتائجه، لكنّ متابعين للشأن العراقي يقولون إن هذا الأسلوب لم يعد يجدي وأن تنزيه التيار والاتكاء على نظرية المؤامرة وإلقاء المسؤولية على خصوم مجهولين باتت كلها أساليب قديمة لم تعد تضلّل العراقيين وتمنعهم من معرفة حقيقة الصدر وتياره وأدوارهما في الأزمة.

وكان الصدر قد حذر الأربعاء حكومة الكاظمي من أنه سيحملها المسؤولية إذا فشلت في اتخاذ إجراء بشأن الحريق وإعلان نتائج التحقيق بسرعة.

ولقي العشرات حتفهم هذا الأسبوع في حريق شب في مستشفى لعلاج كوفيد – 19 في مدينة الناصرية بجنوب العراق، وهو ثاني حريق من نوعه خلال ثلاثة أشهر بعد حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد. وقال مكتب رئيس الوزراء يوم الثلاثاء إن نتائج التحقيق ستُعلن في غضون أسبوع.

وقللت الأوساط السابقة من تلويح الصدر بالانسحاب، معتبرة أن عدم ترشحه لن يمنع تياره من غزو الانتخابات القادمة بالرغم من كل الكوارث التي تسبب فيها.

وقال الصدر إنه لن يشارك في الانتخابات المقررة في أكتوبر وإنه يسحب دعمه للحكومة حاثا على محاسبة المسؤولين عن حريق الناصرية. وقادت ردود الفعل الغاضبة على هذا الحريق إلى استقالة وزير الصحة حسن التميمي المحسوب على التيار الصدري.

ويرى مراقبون عراقيون أن الصدر يتهرب من مسؤولية تياره عمّا حدث ويحدث من انهيارات في قطاعي الخدمة الصحية والكهرباء لكي لا يتمكن خصومه الشيعة من التشهير به وبمرشحيه.

وقال برلماني عراقي فضّل عدم الكشف عن اسمه إن الصدر ينطلق من مبدأ “الحرب خدعة” في تعامله مع خصومه من الشيعة. فهو في الوقت الذي يظهر لخصومه انكساره أمام دهائهم في ملفي الكهرباء والقطاع الصحي حيث يقول لهم من خلال انسحابه من الانتخابات “لقد انتصرتم عليّ” فإنه يحاول من خلال ذلك الانسحاب أن يغطّي على جرائم حرق المستشفيات التي وقعت فيما القطاع الصحي يخضع لإشراف تياره.

 

ولم يستبعد البرلماني في تصريح لـ “العرب” أن يتراجع الصدر عن قراره حين يكون على يقين من أن المسألة قد تم طيها وصارت في حكم النسيان.

وأضاف “إذا ما صدق ذلك التوقع يكون الصدر قد أرسى مبدأ جديدا هو أن الانتخابات خدعة. فهو على الرغم من الأضرار التي سببها للشعب العراقي سيعود إلى الظهور كما لو أن شيئا لم يقع. تلك عادته في الاختباء والظهور ملقيا بأخطائه السياسية على عدد من أتباعه الذين لن يتعرضوا إلى المساءلة القانونية بسبب حمايته لهم”.

واعتبر المحلل السياسي العراقي رحيم الكعبي في تصريح لـ”العرب” أن إعلان الصدر الانسحاب من الانتخابات “محاولة متأخرة لاحتواء حملة منسّقة قادها خصومه السياسيون”، مشيرا إلى أنها “ليست المرة الأولى التي يلوّح فيها الصدر باحتمال الانسحاب من الانتخابات، وأن خطاب الانسحاب لم يقترن بتقديم طلب رسمي لمفوضية الانتخابات”.

وتزامن خطاب الانسحاب من الانتخابات مع وضع رايات كل من ميليشيات سرايا السلام واليوم الموعود وجيش المهدي، وهي تشكيلات أمنية وعسكرية أسسها زعيم التيار الصدري، في الطرقات والمدن العراقية، ما يرسل رسالة محددة إلى الخصوم من أصحاب المجاميع المسلحة الأخرى الذين سارع بعضهم إلى إرسال دعوات إلى الصدر للتراجع عن قراره (التكتيكي) بالانسحاب، لأنهم يعلمون جيداً أن وضع الصدر خارج المعادلة السياسية قد يضعه في خانة الضد أمنياً وعسكرياً لمجمل العملية السياسية.

وقال الصدر في كلمة بثها التلفزيون “حفاظا على ما تبقى من الوطن وإنقاذا له والذي أحرقه الفاسدون ومازالوا يحرقونه، نعلمكم بأنني لن أشترك في هذه الانتخابات.. فالوطن أهم من كل ذلك”. وأضاف “أعلن عن سحب يدي من كل المنتمين للحكومة الحالية واللاحقة”.

Thumbnail

وقال “ما يحدث في العراق، ضمن مخطط شيطاني دولي لإذلال الشعب وتركيعه” بسبب الخوف من هؤلاء الذين يسعون للإصلاح واجتثاث الفساد.

ومضى قائلا “انتبهوا قبل أن يكون مصير العراق كمصير سوريا أو أفغانستان أو غيرهما من الدول التي وقعت ضحية السياسات الداخلية والإقليمية والدولية”. وكانت الانتخابات المبكرة مطلبًا رئيسيًا للحركة الاحتجاجية الواسعة التي انطلقت في أكتوبر 2019.

وكان التيار الصدري يسعى لحصد المزيد من المقاعد في الانتخابات المبكرة المقبلة للحصول على منصب رئيس الوزراء في الدورة المقبلة، وفق تصريحات سابقة للصدر.

ووفق تسريبات متداولة في وسائل الإعلام المحلية فإن الصدر كان يسعى لترشيح ابن عمه جعفر الصدر سفير العراق حاليا في بريطانيا لمنصب رئيس الوزراء.

وتصدر تحالف “سائرون” المدعوم من الصدر الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2018 بحصوله على 54 مقعدا من أصل 329.

ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية بموجب قانون انتخابي جديد يقلل من حجم الدوائر ويلغي التصويت على أساس القوائم لصالح منح الأصوات للمرشحين الأفراد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى