اقتصاد

السعودية (تداول) عن نية تأسيس منصة الرياض الطوعية لتداول

الرياض – أعلن صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) الجمعة وبالتعاون مع السوق المالية السعودية (تداول) عن نية تأسيس منصة الرياض الطوعية لتداول وتبادل تأمينات وتعويضات الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويقول خبراء إن السعودية بهذه الخطوة تضع قدما أخرى في سياسة الإصلاح الاقتصادي ومواصلة تجسيد خطط رؤية 2030 على الأرض عبر التركيز على جذب الشركات استعدادا لتحويل العاصمة الرياض إلى مركز إقليمي للأعمال.

ويرجح أن تكون السوق المالية للكربون الوجهة الأساسية للشركات والقطاعات المختلفة التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون أو المساهمة في ذلك من خلال شراء أو بيع أرصدة تعويض الكربون المكافئ عالية الجودة والتي تم التحقق منها والموافقة عليها.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن العمل يجري حاليا على تأسيس المنصة مع عدد من الجهات التنظيمية ومنها اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة وبالاستعانة بالجهات المختصة في هذا المجال محلياً وعالميا.

تأسيس المنصة سيتم مع عدة جهات تنظيمية منها اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة

وستحدد تلك الجهات المنهجيات والأطر التنظيمية والفنية ونماذج الحوكمة التي تتوافق مع أعلى المعايير وأفضل الممارسات لتحقيق الغايات المرجوة من تأسيس منصة التداول الطوعية، ولتساهم في تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.

ولدى الصندوق السيادي الذي يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حضور فاعل في عدد من المبادرات العالمية الهادفة إلى الحدّ من تغيرات المناخ والآثار السلبية على البيئة، مثل مبادرة مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية (الكوكب الواحد)، وله مشاركات بارزة في عدد من المؤتمرات والمنتديات ذات الصلة.

وتعمل في أكبر اقتصادات المنطقة العربية نسبة كبيرة من الشركات التي تسعى لخفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى وجود عدد من الشركاء العالميين المهتمين بالاستثمار في هذا المجال.

وتدرك الحكومة مدى أهمية تخفيف تلك الانبعاثات مع العمل على استثماراها بما يعود بالنفع ماليا على خزينة الدولة مع ضرورة الوقوف على المساهمات المشتركة التي تراعي الحفاظ على البيئة والوصول إلى مفاهيم واضحة حول ذلك لإنجاح تجارة الكربون التي بدأت تشكل أمرا ملحا اليوم.

وقد ساهم اتباع الرياض لنهج يتضمن ويشجع على نحو صريح كافة الخيارات الممكنة للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ، في الوصول إلى نتائج جوهرية في هذا الأمر.

وتتسلح السعودية باستراتيجية طويلة الأمد للطاقة المتجددة، وتبذل جهودا للسيطرة على الانبعاثات كسبيل لتعزيز “الاقتصاد الدائري للكربون” الذي سيسمح باستمرار إنتاج النفط.

وقبل عامين حددت السعودية خططا لإنتاج نحو 60 ألف ميغاواط من قدرات الطاقة المتجددة وهي تحث الخطى من أجل مسح بصمتها الكربونية في سلاسل الإمدادات أيضا.

وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أكد خلال مؤتمر مبادرة “مستقبل الاستثمار” الذي احتضنته العاصمة الرياض في أكتوبر 2019 أن الكربون يعتبر موردا وتجميعه “يجعلنا نجني المال من ورائه”.

ويؤكد البنك الدولي أن تجارة الكربون رغم ما يكتنفها من غموض نجحت في خلق سوق طوعية تقدر بنحو 100 مليار دولار سنويا. وقال إنه يتوقع أن تتفوق على تجارة النفط لتكون أكبر سوق في العالم.

ويعتمد الاقتصاد الدائري في تقنياته على نظام الحلقة المغلقة الذي يشبه إلى حد كبير ما يحدث في الطبيعة، ويقول المختصون إنه سيكون مساعدا على استعادة توازن دورة الكربون.

وطالما أن مكاسب كفاءة استخدام الموارد المضمنة في المفهوم التقليدي للاقتصاد الدائري تترجم إلى انخفاض في استهلاك الطاقة بنحو مباشر، فإنه يؤدي بدوره إلى انخفاض في الانبعاثات الكربونية.

خطوة هامة في سياسة الإصلاح الاقتصادي
خطوة هامة في سياسة الإصلاح الاقتصادي 

وتقر السعودية بأن الاقتصاد الدائري للكربون بحاجة إلى مجموعة من الخيارات لتخفيف الانبعاثات الكربونية، بدلا من حصر تركيزه على خفض أو تجنب كمية الكربون التي تدخل النظام فقط.

ولدى البلد الخليجي في الوقت الراهن أكبر مصنع في العالم لتجميع الكربون واستغلاله، إذ يحول نصف مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا إلى منتجات مثل الأسمدة والميثانول.

كما يمتلك العضو البارز في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أحد أكثر معامل المنطقة تطورا للاستخلاص المعزز للنفط باستخدام ثاني أكسيد الكربون ويقوم باحتجاز وتخزين 800 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

ويضم عملاق النفط أرامكو وتحديدا في معمل الغاز في الحوية البعيد بنحو 240 كيلومترا عن مقر الشركة في مدينة الظهران القدرة على استخلاص قرابة 45 مليون قدم مكعب قياسي من ثاني أكسيد الكربون ومعالجته، ومن ثم ضخه لمسافة 85 كيلومترا إلى حقل النفط في العثمانية.

ويعتبر هذا المشروع واحدا من أكبر مبادرات الاستخلاص المحسن للنفط باستخدام الكربون في الشرق الأوسط، ليُحقن في مكمن النفط، مما يساعد في الحد من الانبعاثات.

ونجحت السعودية خلال سبتمبر الماضي في تصدير أول شحنة من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان، وهو ما عكس رهان البلد الخليجي على الطاقة المتجددة على أسس مستدامة استعدادا للمتغيرات العالمية وتزايد تحديات الحد من انبعاثات الكربون.

ورغم الفرص المتوقع أن يتيحها الاقتصاد الدائري للكربون مع مرور الوقت، إلا أن خبراء يرون أنه من الضروري الأخذ في الاعتبار الظروف المحلية لكل دولة عند تطبيق المفهوم الجديد بما لا يتعارض مع التنمية العالمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى