مقالات

السائق سيظل تحت التدريب

السائق سيظل تحت التدريب

من الضروري على الجهات المختصة النظر في شأن موضوع السائقين عديمي الخبرة، فمن الواجب أن يخضع كل منهم لتدريب مكثف لإتقان القيادة قبل النزول إلى الشوارع

من الظواهر الملحوظة في شوارعنا، والتي أصبحت في ازدياد لا أعلم نهايتها، ظاهرةٌ معتادة وقضية مسلّمة كغيرها من الأمور المخالفة للقانون -إن صح التعبير- ألا وهي ظاهرة وضع لافتات «السائق تحت التدريب» على الزجاج الخلفي لبعض السيارات، لتحذير وتنبيه السائقين الآخرين.
وعند التدقيق على سائقي تلك السيارات، تجد أن غالبيتهم من العمالة غير المدربة، تظهر عليهم علامات التوتر وعدم الاتزان خلال القيادة، إضافة إلى الارتباك الذي يتخلل المشاوير.
امرأة تحاول الوصول إلى المكان المطلوب، فتُضّيع الطريق تارة، وتعكس المسار تارة أخرى، ولسان حالها يقول «مجبر أخاك لا بطل»!، فيزداد السائق ارتباكا ويربك الشارع بأكمله.
من هنا، تولد عدة تساؤلات أبرزها: أليست تأشيرة من يقود هذه السيارة تندرج تحت تأشيرة سائق؟ أليس من المفترض أن يكون هذا الجالس خلف المقود، مارس مهنة قيادة السيارات في بلده قبل قدومه؟. أشك في ذلك، فقد تسبب وجود هذه النوعيات من السائقين بسيارات تضع مثل هذه اللافتات في إرباك الطرقات، نتيجة الوقوف المفاجئ، والبطء الشديد في القيادة من جهة، وجهل أصول وتعليمات القيادة من جهة أخرى، والنتيجة كثير من الزحام ووقوع حوادث بالهبل. وهذا يدل بلا أدنى شك على أنهم لم يتسنّ لهم قيادة أي سيارة في بلدهم الأم، هذا إذا افترضنا أنهم سبق لهم رؤية سيارة أصلا!.
والأدهى والأمّر، عندما تحاجّ كفيله في الموضوع يقاطعك قائلا «وضعنا لافتة السائق تحت التدريب» ألم تلاحظها!، معتقدا بذلك أنه يعفي نفسه من تبعات إرباك حركة السير، وأن هذه اللافتة بمثابة تصريح ضد الحوادث!، ومن قال لك إنها نظامية أو بمجرد وضعها تكون قد مشيت وفق القانون؟!.
النظام المروري يشير إلى عكس ذلك تماما، فقد أكد عدد من مسؤولي المرور أن وضع مثل تلك اللافتات على المركبات يعد سلوكا مخالفا لأنظمة المرور، خاصة أن النظام ينص على عدم وضع كتابة أو رسم أو أي بيانات أخرى على جسم المركبة، أو أي جزء من أجزائها، باستثناء مدارس تعليم قيادة السيارات «المعتمدة».
لذا، من الضروري على الجهات المختصة النظر في شأن موضوع السائقين عديمي الخبرة في هذا المجال، فمن الواجب أن يخضع كل منهم لتدريب مكثّف لإتقان القيادة قبل النزول إلى الشوارع الرئيسة المزدحمة، والقضاء على تلك العادة الفاسدة التي تعطي بعض المواطنين الأحقية في استخراج رخص قيادة لمن تحت كفالتهم عن طريق الواسطة، دون دخول السائق دورةً تدريبية.
تعجبني السياسة المتبعة في أحد مراكز تأهيل السائقين في إمارة دبي، فقد اعتمدوا برنامج تدريب يقوم على 3 دورات محورية. دورة أساسية خاصة بالسائقين الجدد، ودورة تكميلية للسائقين المزاولين للمهنة خلال كل سنتين، ودورة إعادة تأهيل سائقي مرتكبي المخالفات. كما يقومون باستخدام أحدث التقنيات البصرية والسمعية في مجال التدريب، ومنها جهاز محاكاة لقياس وتقيم أداء السائقين الفعلي، إضافة إلى قاعة الخرائط الذكية للإسهام في زيادة معرفة السائق، والإلمام بالأماكن السياحية والمناطق السكنية في المدينة.
«السائق تحت التدريب» أمر يزيد الطين بلة، أمر يحتاج إلى إعادة تقييم شامل لوضع مراكز تدريب قيادة السيارات في المملكة، ومراجعة إمكاناتها التعليمية والفنية، فمع مرور الوقت تفاقمت المشكلة بشكل ملحوظ.
لذا، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار كافة أسبابها ودعاويها، ثم إصلاحها، فعندما تصبح شوارعنا مسرحا لتدريب العمالة الوافدة، عندها تتحول إلى ساحة حوادث، وتضييق على المارة، وربكة مرورية وازدحام. 

 

سارة العكاش        

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى