أخبارعالمية

الخناق يضيق على أذرع أردوغان المتطرفة في فرنسا

باريس – قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غبريال أتال الخميس إن جمعية مللي غوروش الإسلامية التركية لا مكان لها في فرنسا لمخالفتها القيم الجمهوريّة، ما يؤكد الحزم الفرنسي في مواجهة التطرف الإسلامي وحواضنه الأيديولوجية والفكرية.

وفي الأسابيع الأخيرة أثارت الجمعية جدلا واسعا في فرنسا بسبب رفضها توقيع ميثاق ضد التطرّف الإسلامي تم التوصل إليه بتنسيق من الحكومة الفرنسية، ومساهمتها في تمويل بناء مسجد جديد في ستراسبورغ شرق فرنسا.

وتصاعد منسوب التوتر بين باريس وأنقرة بعد مجموعة خلافات سجّلت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حذّر الأسبوع الماضي من أن تركيا تعتزم التدخل في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

وصرّح أتال في مقابلة مع محطة “بي أف أم” التلفزيونية بقوله “أعتبر أن هذه الجمعية تخالف قيم الجمهورية، وتناضل ضد قيم الجمهورية، وضد المساواة بين النساء والرجال وضد الكرامة الإنسانية”.

وتابع “من الجلي أنه يجب ألا تقيم أي أنشطة وألا يكون لها أي وجود في الجمهورية” الفرنسية.

وكانت مللي غوروش قد رفضت مع منظمتين إسلاميتين أخريين في يناير توقيع ميثاق مناهض للتطرف تم التوصل إليه بدفع من ماكرون بعد مجموعة هجمات شهدتها فرنسا نُسبت إلى متشددين.

غبريال أتال: ميللي غوروش تناضل ضد قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية

والجمعية التي مقرها مدينة كولونيا الألمانية حركة للجالية التركية المنتشرة في أوروبا أسسها رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان الذي يعدّ “معلّم” أردوغان. ونهل الرئيس التركي في شبابه من أفكار الجمعية المتطرفة التي أسسها أربكان في ستينات القرن الماضي، حيث كان لها دور أساسي في صعوده إلى سدة الحكم في تركيا.

وفي السنوات الأخيرة آثر حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان النأي بنفسه عن مللي غوروش، إلا أن قيم هذه الجمعية المحافظة تبقى قريبة من قيم الرئيس التركي.

وبحسب موقعها الإلكتروني جمعية مللي غوروش هي “لاعب أساسي في حياة المسلمين في فرنسا”. وهي تساعد على تنظيم رحلات الحج والجنازات وبناء المساجد والإرشاد الديني.

وفي مقابلة مع صحيفة “لو بوان” نشرت الخميس قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن الدولة ليس لديها “ما تتفاوض بشأنه” مع جماعات ترفض توقيع الميثاق، وإنها ستعزز الرقابة على أنشطتها.

وذكر أن رفض جمعيات معيّنة توقيع الميثاق “يرفع الستار عن مسرح ظل للتدخل الأجنبي والحركات المتطرفة العاملة على أرضنا”.

وحاليا يناقش البرلمان الفرنسي مشروع قانون لقمع التطرّف الإسلامي يرمي إلى الحد من تأثير الجماعات الدينية الممولة من جهات خارجية وتقييد دورها التعليمي. ويثير توسع الجمعية في 11 دولة أوروبية قلق أجهزة استخبارات أوروبية بسبب خطورة أنشطتها وسعيها لتحقيق أهداف غير دستورية، بعد أن باتت أكثر التنظيمات التابعة للنظام التركي نفوذا في أوروبا وأداة للتطرف والتجسس.

ويقول الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي ديفيد فيلهابر إن “المنظمة تنشط في 11 دولة أوروبية، أبرزها ألمانيا والنمسا وإيطاليا”، متابعا “تملك المئات من المساجد والمنظمات الثقافية في ألمانيا وحدها”.

وأضاف فيلهابر في دراسة نشرها معهد هودسون الأميركي للدراسات (غير حكومي)، أن المنظمة “هي أكثر التنظيمات الإسلامية المتطرفة تأثيرا وأحد أهم التنظيمات التي تنشط في الشتات التركي في أوروبا”.

إيمانويل ماكرون حذّر من أن تركيا تعتزم التدخل في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل

وتملك المنظمة 87 ألف عضو في أوروبا، بينها 30 ألف عضو في ألمانيا وحدها، فيما يحضر الدروس في المساجد والمؤسسات التابعة لها 300 ألف شخص أسبوعيا.

وذكر تقرير لصحيفة “دي برسه” النمساوية أن المنظمة توسعت بشكل كبير ومقلق في أوروبا خلال السنوات الماضية، حيث ارتفع عدد المساجد المنضوية تحتها في القارة من 510 إلى 650 مسجدا، بالإضافة إلى 2000 مركز ثقافي وشبابي ونسائي.

وتؤكد صحيفة “فولكس بلات” النمساوية أن أعضاء المنظمة يحافظون على علاقات وثيقة مع السياسيين والكنائس والإعلام لـ”رسم صورة غير صحيحة عن أهداف الحركة وأنماط تصرف أعضائها”، مشيرة إلى أن المنظمة “تعمل على الاندماج بشكل واضح في المجتمعات الأوروبية، كغطاء لتحركاتها وأهدافها الحقيقية”.

وفي نوفمبر الماضي أعلنت باريس حلّ منظمة الذئاب الرمادية المتطرفة التي تربطها علاقات وثيقة بتركيا، بعد صدامات أعضاء المنظمة مع الجالية الأرمنية في فرنسا، حيث يتعقب أعضاء المنظمة المعارضين السياسيين الأتراك من مختلف العرقيات والتوجهات.

ونشأ تنظيم الذئاب الرمادية في منتصف ستينات القرن الماضي في كنف حزب الحركة القومية، شريك أردوغان في الحكم، مستندا إلى أفكار القوميين المتطرفين الأوائل، لينقل أنشطته بعد ذلك من تركيا إلى الخارج.

وتبنى التنظيم منذ تأسيسه توجهات ضد الأكراد والأرمن واليونان والعلويين والمسيحيين، ونفذ عمليات إرهابية دموية، تمثلت في اغتيالات مفكرين وقادة سياسيين ورجال دين مسيحيين وزعامات من قوميات مختلفة.

ويروج هؤلاء المتطرفون أفكارا عنصرية مثل التفوق العنصري والتاريخي والأخلاقي لجميع الشعوب التركية التي تمتد من أفغانستان والصين إلى الطرف الجنوبي الشرقي من البلقان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى