الأخبار

الجماعات الإرهابية تتحرك للاستثمار في الأزمة السياسية بتونس

تونس – تحاول المجموعات الإرهابية المتمركزة بالمرتفعات التونسية استغلال الارتباك السياسي القائم بالبلاد لتنفيذ مخططاتها وعملياتها الإرهابية، بهدف زعزعة استقرار التونسيين وأمنهم، حيث حذرت السفارة الأميركية من ضربات إرهابية محتملة في البلاد تتزامن مع حالة من الانسداد السياسي بين مكونات السلطة.

وأصدرت الولايات المتحدة تحذيرا لمواطنيها من السفر إلى تونس بسبب تفشي وباء كورونا ومخاطر الإرهاب.

وحثّت السفارة الأميركية مواطنيها الراغبين في برمجة سفر إلى الخارج على الاطلاع على تحذيرات السفر المتعلقة بمخاطر الإرهاب في تونس، مذكرة بأنه لا يتعين الاقتراب لمسافة لا تقل عن 30 كلم من الحدود التونسية – الليبية والمناطق الجبلية بما في ذلك مرتفعات جبل الشعانبي ومنطقة الصحراء جنوب رمادة مذكرة بأنها منطقة عسكرية مغلقة.

وشملت تحذيرات السفر منطقة جندوبة وجنوب عين دراهم من الجانب الغربي للطريق الوطنية عدد 15 ومدينتي الكاف والقصرين المحاذيتين للحدود الجزائرية وسيدي بوزيد (وسط).

وحسب السفارة، تواصل مجموعات إرهابية التحضير لعمليات إرهابية محتملة قالت “إنها تستهدف الأماكن السياحية ومراكز النقل والمتاحف والنزل والمسارح والمطاعم وأماكن العبادة والمراكز التجارية والأسواق والمنشآت العمومية وقوات الأمن”.

خليفة الشيباني: الإرهاب يريد إنهاك الدول التي تعيش أزمات سياسية

وأشارت إلى أن حالة الطوارئ المعلنة في تونس تمنح قوات الأمن سلطات أكبر للحفاظ على السلم الاجتماعي وتمكن الحكومة من التركيز على مكافحة الإرهاب، منبّهة أن “للحكومة الأميركية إمكانات محدودة لتوفير خدمات طوارئ لمواطنيها في مناطق معينة بتونس”، مشددة على ضرورة حصول موظفي الحكومة الأميركية على ترخيص خاص عند السفر خارج إقليم تونس الكبرى.

وحسب الخبراء، فإن المشهد المأزوم، في أبعاده السياسية والاجتماعية والصحية، يمثل للجماعات الإرهابية مناخا ملائما يساعدها على التحرك والقيام بالأعمال الإرهابية.

وأفاد العميد خليفة الشيباني الخبير في الشؤون الأمنية أن “تحذيرات السفارة الأميركية يمكن أن تتوفر على جانب من الصحة، ويمكن ألا تحدث، وهذا لا ينفي أنه ثمة تهديدات إرهابية بالنظر إلى الأوضاع الإقليمية والدولية والأوضاع في الساحل والصحراء”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “قاعدة تنظيم داعش تتوسع وهناك تهديدات قائمة أيضا في الجنوب الليبي، والإرهاب يعيش أساسا في البلاد التي فيها هشاشة اقتصادية ومادية، على غرار تونس التي تعاني من وباء صحي وغباء سياسي ما يمكن أن يكون أرضية خصبة لذلك”.

وتابع العميد الشيباني “عدم الاستقرار السياسي وإنهاك الطبقات الاجتماعية وحالة الاحتقان الاجتماعي وتردي الأوضاع كلها عوامل تشجّع على تنامي التهديدات الإرهابية”، قائلا “الإرهاب يريد إنهاك الدول التي تعاني بالأساس من تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.

وأردف “اليوم هناك إعادة انتشار لداعش في كامل أفريقيا، وشمال القارة ليس في مأمن من التهديدات الإرهابية”.

ولا تزال تونس تتخبط في الأزمات، في ظل حالة العطالة السياسية المسجلة بخصوص تنظيم حوار سياسي وطني بين مكونات المشهد يضمن إرساء تفاهمات جديدة ويقطع مع واقع المناكفات والخلافات بين الرئاسات الثلاث.

 ويرى مراقبون أن المناخ السياسي المضطرب بين رؤوس السلطة في تونس من شأنه أن يدفع المجموعات الإرهابية إلى تكثيف نشاطها لبث الفوضى وإرباك جهود المؤسستين الأمنية والعسكرية.

ويعتبر هؤلاء أن النشاط الإرهابي يستقوي بالخلافات السياسية، ويجعل من الصراعات والمناكفات عاملا محفّزا على تنفيذ عملياته واستهداف قوات الأمن، فضلا عن سوء إدارة الأزمات والأداء السياسي الضعيف لصناع القرار.

وأفاد الناشط السياسي رافع الطبيب في تصريح لـ”العرب”، أنه “لم يتم التطرق بشكل واضح إلى ما اعتمدته السفارة الأميركية، وفيما إذا كانت هذه المعلومات استخباراتية، ولكن هذه الفترة في تونس معروفة عموما بتصاعد العمليات الإرهابية لضرب القطاع السياحي على غرار ما وقع في نزل بمدينة سوسة منذ سنوات، وعمليات أخرى بجبل سمامة وغيره”.

رافع الطبيب: الضربة المحتملة هي رسالة لإعادة صياغة الاتفاق السياسي

وفي سؤاله حول علاقة العمليات الإرهابية بالاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد، قال الطبيب “الأفق السياسي منفجر الآن، ما يعني أن هذه الضربة الإرهابية المحتملة لن تكون لا ذات بعد استراتيجي ولا لإرباك القوى الأمنية، بل هي رسالة سياسية تتقاطع مع الداخل لإعادة صياغة الاتفاق السياسي، أو الإقرار بوجود قوة طرف دون سواه داخليا وإقليميا”، مضيفا “اليوم يريدون استغلال انشغال الجيش التونسي الذي يملك عماد الصراع ضد الإرهاب، بالمشاركة في عمليات التلقيح ضد كورونا وضرب مواقع معينة”.

وتابع “الإرهاب الآن هو فقط الذراع العملياتية للأطراف الموجودة في الساحة السياسية، وعندما تتعطل أدوات الحوار يلتجئون إلى الإرهاب، وهذه العمليات لو وقعت ستعيد توزيع الأوراق من جديد، ولكن في نفس الوقت هناك أطراف أخرى استغلت هذه الفترة ومرّرت جملة من القوانين”.

واستطرد “هناك أطراف تقول إنها تسعى نحو الحوار، ولكن في نفس الوقت هي تعطّل سير هذا الحوار”.

وتعيش تونس أزمة سياسية حادة بين رؤوس السلطة بعد انتخابات عام 2019، وزاد حجم الخلافات بصراع الصلاحيات الذي أججه التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي في وقت سابق.

وكثيرا ما تعرف الفترة الصيفية في تونس بارتفاع التهديدات والمخاطر الإرهابية، ما يربك جهود المؤسستين الأمنية والعسكرية التي تحبط مخططات من فترة إلى أخرى.

وفي يوليو 2013 تم اغتيال السياسي وعضو المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي عن حزب التيار الشعبي والمنسق العام للحزب والأمين العام السابق لحزب حركة الشعب وينتمي للتيار الناصري. وعُرف البراهمي بمعارضته الشرسة لحركة النهضة.

وفي يونيو 2015 استهدف هجوم مسلح فندق إمبريال مرحبا في المنطقة السياحية المشهورة مرسى القنطاوي في مدينة سوسة الساحلية، وخلف الهجوم حوالي 40 قتيلا (من بينهم المسلح) أغلبهم من السياح و38 جريحا.

وتخوض قوات الأمن التونسية منذ عام 2012 حملات تعقب لجماعات مسلحة تنتمي إلى داعش وتنظيم القاعدة في الجبال الواقعة غرب البلاد على الحدود مع الجزائر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى