أخبارعالمية

التغير المناخي يهدد الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط

القاهرة – أشارت كلمة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قمة المناخ بمصر إلى مسألة خطيرة وهي أن التغير المناخي سيصبح من أهم أسباب عدم الاستقرار في العالم.

ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه التقارير الدولية التي تضع منطقة الشرق الأوسط، وخاصة شمال أفريقيا، في مرمى التغيرات المناخية والنتائج التي يمكن أن تفضي إليها ظواهر مثل الجفاف وندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة، وسط مخاوف من موجة هجرة كبرى سواء داخل الدول نفسها أو باتجاه أوروبا، ومخاوف أخرى من نشوب حروب بسبب المياه.

وقال رئيس الإمارات الاثنين إن تغير المناخ يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم، موجها “دعوة مفتوحة لإيجاد حلول عملية تسهم في معالجة الخسائر وخلق نمو اقتصادي مستدام لكل البشرية”.

ويرى خبراء أن الدول الغنية، ومن ضمنها الدول الغربية، لا خيارات أمامها إلا دعم جهود تثبيت الوضع المناخي ومنع خلخلة الوضع الاقتصادي في دول تشهد انفجارا سكانيا وجفافا وتراجعا للرقعة الزراعية، معتبرين أن آثار التغيرات المناخية الحادة لن تقف عند الدول الفقيرة، وأن الدول الغنية ستجد نفسها في مواجهة هجرات قسرية من دول الجنوب، وهو ما يضاعف أمامها التحديات الأمنية والإنسانية.

عدم اتخاذ الدول الغنية إجراءات حاسمة لدعم المنطقة يدفع الملايين إلى الهجرة بحثا عن فرص، دون أن يكترثوا بالمخاطر

ويشير الخبراء إلى أن الهجرة القسرية التي ستفرضها التحديات المناخية لا يقدر أحد على مواجهتها، محذرين من أن وتيرة الهجرة غير النظامية التي تزايدت في السنوات الأخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي في دول الجنوب يمكن أن تتضاعف كثيرا إذا استمرت أوروبا في مواجهتها بالخيار الأمني بدل مساعدة الدول الفقيرة على تحسين شروط عيش الناس فيها.

ويحذر هؤلاء من أن استمرار موجة الجفاف في شمال أفريقيا قد يحول الأرقام الحالية التي تتحدث عن آلاف المغامرين بالهجرة إلى الملايين الذين يلقون بأنفسهم في اتجاه المجهول، لافتين إلى أن الموجة الحالية من الهجرات لم تلتحق بها بعدُ أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، أي مصر، وفي حال حصول ذلك سيكون من الصعب على العالم مواجهته بالإستراتيجية الحالية التي تقوم على المساعدات المحدودة والخطط الأمنية لإعاقة انتقال المهاجرين نحو أوروبا.

وكان تقرير البنك الدولي الأخير في سبتمبر 2021 قد حذر من أن منطقة شمال أفريقيا قد تلتحق بموجات الهجرات المناخية ذات الأرقام المرتفعة.

وتقول الإحصائيات إن صحراء أفريقيا هي المنطقة الأولى المرشحة لأن تشهد هجرات بأعداد كبيرة، حيث قدر الخبراء ذلك بحوالي 86 مليون نسمة، متبوعة بآسيا الغربية بحوالي 49 مليون نسمة، وجنوب آسيا بـ40 مليون نسمة، وشمال أفريقيا بـ19 مليون نسمة، وأميركا اللاتينية بـ15 مليون نسمة.

Thumbnail

وتحذر تقارير ودراسات مستقبلية من أنه دون اتخاذ إجراءات حاسمة من الدول الغنية لدعم دول المنطقة فإن المهاجرين السريين سيغامرون بالهجرة الواسعة إما في شكل نزوح داخل البلدان الفقيرة نفسها بترك القرى والأرياف والتمركز في محيط المدن الكبرى، ما يضاعف جهود الدول في تقديم الخدمات الضرورية، أو الهجرة إلى البلدان الغنية التي توفر لهم فرصا أفضل ولو قليلا للعيش دون الاكتراث بالمخاطر.

لكن المدن الكبرى التي ستشهد موجات النزوح الداخلي هي نفسها ليست في مأمن من التغيرات المناخية، سواء من ناحية قلة فرص الحصول على مياه الشرب أو من ناحية ارتفاع منسوب البحر وما يسببه ذلك من مخاطر أخرى.

وشدد جرامينوس ماسترويني، النائب الأول لأمين عام “الاتحاد من أجل المتوسط”، على أن “ارتفاع مستوى سطح البحر يمثل تهديدًا للمدن الساحلية، لكن غرق الشواطئ هو أصغر جزء من المشكلة”.

40

في المئة من زراعة منطقة البحر المتوسط على طول السواحل، وبالتالي فإن ارتفاع مستوى البحر يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي

وأوضح في حوار مع وكالة الأناضول أن “ارتفاع مستوى سطح البحر لا يتعلق بأن المياه سترتفع وتغرق مدن هشة ومنخفضة مثل البندقية، لكنْ هناك تهديد أكبر متصل بتسرّب مياه البحر المالحة إلى التربة”، وحذّر من أن ذلك “سيتسبب في بوار الأرض وجعلها غير صالحة للزراعة”.

ولفت إلى أن “أكثر من 40 في المئة من زراعة منطقة البحر المتوسط تتمّ على طول السواحل، وبالتالي فإن ارتفاع مستوى البحر يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي”.

وضرب مثالاً على ذلك مصر، قائلاً “في مصر مثلا، يهدد الارتفاع السريع في مستوى سطح البحر ببوار الدِلتا (دلتا النيل في الشمال) التي تعتمد عليها الزراعة في مصر”.

وتحذر الدراسات من أن موجات الهجرة القسرية ليست هي التعبير الوحيد عن مخاطر المناخ، مشيرة إلى أن الوضع قد يتطور إلى حروب داخلية طاحنة على مصادر المياه، وإلى حروب بين الدول التي تشترك في نفس الأنهار، وخاصة في ظل توجه دول المصدر إلى احتكار نسب مياه عالية ومنع دول العبور أو دول المصب من تحصيل حاجتها إلى مياه الشرب وسقاية مناطقها الزراعية مثل ما هو الحال بين دول حوض النيل ومخاطر احتكار أثيوبيا للكمية الأكبر عبر إنشاء سد النهضة.

وأقامت تركيا مشروع شرق الأناضول الذي تضمن بناء 22 سدا لتلبية متطلبات مشاريعها الإنمائية، في تحد واضح لجيرانها. كما نفذت إيران مشاريع على الأنهار المشتركة مع العراق أدت إلى تحويل مجرى بعض الروافد إلى داخل أراضيها، في تسلط واضح على موارد هذا البلد العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى