الأخبار

البارزاني يعمق مخاوف أربيل وبغداد: كردستان ليست أفغانستان

أربيل – عززت تصريحات الرئيس الكردي السابق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني مخاوفَ كردية وعراقية من أن تكون كردستان ومناطق سنية عراقية والحكومة العراقية نفسها أهدافا للحشد الشعبي بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام الجاري، في تكرار لسيناريو أفغانستان، على الرغم من سعي البارزاني لاستبعاد تكرار السيناريو.

وقال البارزاني في رسالة وجهها إلى الأكراد في إقليم كردستان “الوضع في إقليم كردستان لا يمكن مقارنته بأفغانستان؛ هناك فرق شاسع بين قوات البيشمركة والجيش الأفغاني”.

وأضاف “البيشمركة نتاج لتاريخ ودماء ودموع شعب كردستان، وسجلت هذه القوات المئات من الملاحم البطولية والتاريخية ومن ضمنها تحطيم أسطورة داعش الزائفة”.

وعبر سياسيون أكراد عن خشيتهم من أن تستغل ميليشيات الحشد الشعبي الانسحاب الأميركي، وأن “تتبخر” قوات البيشمركة أمامها كما تبخرت قوات الجيش الأفغاني أمام طالبان.

لكن الوضع في العراق أكثر تعقيدا، إذ من المتوقع أن تصبح القوات العراقية من جيش وشرطة هدفا للحشد الشعبي قبل أن يستهدف الحشد القوات الكردية.

ولا يحتاج العراق إلى ما يذكّره بضُعف معنويات قواته العسكرية والأمنية؛ ففي عام 2014 انهارت فرق عسكرية عراقية كاملة أمام قوات داعش في شمال العراق خارج كردستان، في حين أُنقِذ الوضع الكردي من الانهيار بتدخل جوي أميركي حاصر تمدد قوات داعش نحو المدن الكردية بعد انهيار معنويات قوات البيشمركة.

ووصلت قوات داعش إلى مناطق قريبة من بغداد مما هددها بالسقوط، وكادت هذه المناطق تقع في أيدي التنظيم المتطرّف لولا تماسك بعض الوحدات العسكرية والتدخل الجوي الأميركي.

ومن المفارقات أن الحشد الشعبي “يدين” بوجوده لخطر داعش؛ إذ أصدر المرجع الشيعي علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي التي تأسس بموجبها هذا الحشد.

ولا يحتاج الحشد إلى الكثير من الجهد للسيطرة على مناطق بغداد والفرات الأوسط وجنوب العراق، إذ يفرض سيطرته شبه الكاملة هناك مدعوما بخبراء إيرانيين.

وتحدى الحشد القوات الحكومية أكثر من مرة، وفرض على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حضور استعراض عسكري كبير في ذروة المواجهة بينه وبين القوات الحكومية على خلفية استهدافه القوات الأميركية.

ويرى مراقبون أن أي تحرك من قِبل الحشد الشعبي سيبدأ بالسيطرة على المناطق السنية التي تم تدميرها في الحملة ضد داعش، لينتشر فيها الحشد انتشارا واسعا قبل أن يلتفت إلى كردستان.

Thumbnail

وعبر البارزاني عن القلق الكردي قائلا “خلال الأيام الماضية في أفغانستان شهدنا موجة سياسية وإعلامية باتجاه خلق فوضى وقلق ووضع نفسي يبعث على التشاؤم والإحباط بالمقارنة بين إقليم كردستان وأفغانستان”، ليُردف مُطَمْئِنًا “أود أن أطمئن الجميع بأن الوضع في كردستان مختلف تماما عن بقية المناطق (…) كردستان بأبطالها وقواتها شعب له إرادة وقضية”.

وفي السابع والعشرين من يوليو الماضي اتفق الكاظمي والرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن على انسحاب القوات الأميركية المقاتلة من العراق بحلول نهاية عام 2021.

وتعاني القوات العراقية من تراجع المعنويات على الرغم من السنوات الطويلة التي قضتها في التدريب والتسليح الأميركيين، لكن قوات البيشمركة تبدو في وضع أفضل.

وتؤثر الولاءات الطائفية والحزبية على تماسك قوات الأمن والجيش، ويتحدى زعماء الميليشيات الدولة العراقية دون خوف من ردة فعلها.

ولا يتردد زعماء شيعة مثل مقتدى الصدر وقيس الخزعلي في استفزاز الحكومة العراقية وتحدي سلطتها، كما أن الحشد لا يخفي طموحه في فرض سيطرته على شمال العراق إذ يتعامل مع القوات الكردية على أساس أنها قوات معادية على الرغم من التنسيق الإيراني مع قادة الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب جلال طالباني) الذين يسيطرون على المناطق الشرقية من كردستان والمحاذية لإيران.

وينخر الفساد مؤسسات الدولة العراقية مما ينعكس سلبا على الأداء الحكومي عموما، وعلى أداء القوات الأمنية والجيش على وجه الخصوص.

وتستهدف قوات الحشد بشكل شبه يومي القوات الأميركية في العراق، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ على مبنى السفارة الأميركية في بغداد، وتزيد كثافة هذه الهجمات أو تقل تبعا لمستوى التوتر بين طهران وواشنطن.

وكان استهداف ميليشيات الحشد الشعبي للقوات الأميركية سببا في إصدار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قرار تصفية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد أبومهدي المهندس بالقرب من مطار بغداد عام 2019.

وتتوعد ميليشيات الحشد المختلفة الموالية لإيران القوات الأميركية وتعتبرها قوات محتلة، وهو الأمر الذي يضعف وضع حكومة الكاظمي. ويحاول الكاظمي، مدعوما من الرئيس العراقي برهم صالح، إيجاد صيغة متوازنة يستطيع فيها العراق الابتعاد عن الاستقطاب الإيراني والأميركي.

Thumbnail

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى