الأخبار

الاقتصاد سيكون الاختبار الأصعب لطالبان

كابول- تسود حالة من الترقب لإعلان حركة طالبان المتشددة عن حكومتها التي من المنتظر أن يقودها رئيس مكتبها السياسي الملا عبدالغني برادر وسط تحديات يبقى أبرزها تجنب الانهيار الاقتصادي لأفغانستان.

وبالرغم من أن الغرب يحاول الانفتاح على طالبان بحذر إلا أنه لا يزال يفرض عقوبات على الحركة من بينها تقييد وصولها إلى أصول أفغانية متواجدة في الخارج على غرار الولايات المتحدة التي لا تعتزم الإفراج عن تلك الأصول التي تقدر بالمليارات.

وقالت مصادر في الحركة إن الملا برادر، الذي شارك في تأسيسها، سيقود الحكومة الأفغانية التي سيُعلن عنها قريبا، في وقت تخوض خلاله الحركة معارك مع المقاومة الوطنية في وادي بانشير الذي لا يزال خارج سيطرة الحركة.

لكن أهم أولويات الحكومة الجديدة ستكون الحيلولة دون انهيار اقتصاد عانى بسبب الجفاف وتداعيات حرب استمرت 20 عاما وأودت بحياة نحو 240 ألف أفغاني قبل أن تنهي القوات الأميركية انسحابا اتسم بالفوضى في الثلاثين من أغسطس الماضي.

غراف

وعلى المحك أيضا قدرة طالبان على حكم بلد يواجه انهيارا اقتصاديا وكارثة إنسانية وتهديدات للأمن والاستقرار من جماعات متشددة منافسة منها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) – ولاية خراسان.

ويعد الاقتصاد التحدي الأكثر إلحاحا إذ جُمّدت المساعدات الدولية المقدمة لأفغانستان، إحدى أفقر دول العالم والتي يعتمد اقتصادها على هذه المساعدات إلى حد كبير.

ومع ذلك وردت العديد من الأنباء الإيجابية مؤخرا التي ساهمت في التخفيف من قتامة الصورة إلى حد ما. فقد أعلنت شركة ويسترن يونيون للحوالات المالية الخميس استئناف عملها في البلاد. ويعتمد العديد من الأفغان على الأموال التي يرسلها أقاربهم في الخارج.

ومن جانبها أعلنت الأمم المتحدة، التي حذّرت الثلاثاء من وقوع “كارثة إنسانية”، استئناف مساعداتها الإنسانية في شمال أفغانستان وجنوبها. وكذلك تعهدت الصين بإبقاء سفارتها في أفغانستان وزيادة مساعدتها للبلاد التي مزقتها عقود من الصراع، وفقا للناطق باسم طالبان.

وقال سهيل شاهين المتحدث باسم طالبان على تويتر إن عبدالسلام حنفي عضو المكتب السياسي للحركة في الدوحة “أجرى محادثة هاتفية مع وو جيانغهاو، نائب وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية”.

وتابع شاهين “نائب وزير الخارجية الصيني قال إنهم سيبقون على سفارتهم في كابول وأضاف أن علاقاتنا سوف تتعزز مقارنة بالماضي (…) والصين ستواصل أيضا مساعداتها الإنسانية وتعمل على تعزيزها خاصة لعلاج مرضى كوفيد – 19”.

والجمعة أعلنت شركة طيران أفغانية أولى هي “أريانا للخطوط الجوية الأفغانية” استئناف رحلاتها الداخلية، بعد حوالي ثلاثة أسابيع على سيطرة حركة طالبان على البلد.

وبعد أسبوع تقريبا من انتهاء الجسر الجوي الذي أقيم في مطار كابول لإجلاء أفغان ورعايا أجانب واصلت الشبكات الدبلوماسية نشاطها، في محاولة لمساعدة اللاجئين الأفغان. ويفترض أن يقوم وزير الخارجية الإيطالي بزيارة لأوزبكستان وطاجيكستان وقطر وباكستان. ومن المقرر أن يزور نظيره البريطاني المنطقة الأسبوع المقبل.

ومع ذلك سيكون الاقتصاد الاختبار الأصعب للحركة بعد أن تم تقييد وصولها إلى أصول أفغانية بالخارج في محاولة للضغط عليها من أجل منعها من فرض رؤيتها المتشددة للشريعة خلال حكمها، وذلك بالرغم من التعهدات التي قدمتها.

ولا تعتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الإفراج عن ذهب واستثمارات واحتياطيات نقد أجنبي أفغانية بالمليارات مُحتفظ بها في الولايات المتحدة وجمدتها واشنطن بعد سيطرة طالبان على البلاد، على الرغم من ضغوط جماعات إنسانية وغيرها تقول إن الكلفة قد تكون انهيار اقتصاد أفغانستان.

ومعظم أصول البنك المركزي الأفغاني البالغة عشرة مليارات دولار مُحتفظ بها في الخارج، وهي بالنسبة إلى الغرب أداة أساسية للضغط على طالبان كي تحترم حقوق المرأة وحكم القانون. وقال خبراء ماليون إن فك تجميد تلك الأصول ربما لا يتم قبل أشهر.

ويخوض مسؤولون من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي ووكالات أخرى مناقشات دورية بشأن الأوضاع المالية لأفغانستان منذ سيطرت طالبان على البلاد في منتصف أغسطس.

الملا برادر الذي شارك في تأسيس طالبان سيقود الحكومة الأفغانية التي سيُعلن عنها قريبا، في وقت تخوض خلاله الحركة معارك مع المقاومة الوطنية في وادي بانشير

وقال الخبراء إن أي قرار يتعلق بالإفراج عن تلك الأموال سيشترك فيه على الأرجح كبار المسؤولين الأميركيين من وزارات متعددة، لكنه في نهاية المطاف سيكون بيد الرئيس جو بايدن.

وترتفع أسعار الأغذية والوقود في مختلف أنحاء أفغانستان في ظل نقص السيولة الناجم عن توقف المساعدات الأجنبية وشحنات الدولار والجفاف.

وقالت الخزانة الأميركية هذا الأسبوع إنها أصدرت ترخيصا جديدا يخوّل للحكومة الأميركية وشركائها مواصلة تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية في أفغانستان، كما منحت ويسترن يونيون -أكبر شركة لتحويل الأموال في العالم- ومؤسسات مالية أخرى الضوء الأخضر لاستئناف التعامل مع الحوالات الشخصية لأفغانستان من المهاجرين في الخارج. وقال متحدث إن وزارة الخزانة لن تخفف العقوبات عن طالبان أو تُرخي القيود على وصولها إلى النظام المالي العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى