الأخبار

استراتيجية سعودية شاملة في جنوب آسيا

استراتيجية سعودية شاملة في جنوب آسيا

مراقبون يرون أن الرياض يمكن أن تحاول خلق توازن بين الهند وباكستان، كما الجمع بين علاقتين مختلفتين، حليف نووي وآخر أيديولوجي وشراكة طموحة مع كليهما.

الرياض – اعتبر جيمس دورسي، المحلل الأميركي في مدرسة راجاراتنام للدراسات الدولية، أن جولة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى باكستان والهند والصين، كانت ناجحة بكل المقاييس، ملخصا نتائجها بقوله “الجيوسياسية في جنوب آسيا: المملكة العربية السعودية: 1 إيران: 0”.

رسمت جولة الأمير محمد بن سلمان في الدول الرئيسية في جنوب آسيا، وما خرجت به من اتفاقيات، ملامح “طريق حرير” ممتد، قوامه الاقتصاد والتعاون في الملفات الأمنية والاستراتيجية، وتحدد ملامحه المصالح المشتركة ومصالح كل دولة على حدة.

ويشير جيمس دورسي إلى أن جولة الأمير محمد بن سلمان قد تكون أكثر من مجرد تعاون اقتصادي، من ذلك أعربت السعودية وباكستان في بيان مشترك في نهاية زيارة ولي عهد السعودية عن الحاجة إلى تجنب “تسييس نظام التصنيف في الأمم المتحدة”، وهو الأمر الذي أكّدته الصين أيضا.

وأشار البيان ضمنيا إلى الجهود الهندية الرامية لدفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تصنيف مسعود أظهر إرهابيا عالميا. يحتل أظهر منصب “الزعيم الأعظم” لجيش محمد، الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على كشمير الذي أسفر عن مقتل 46 جنديا هنديا على الأقل. ورفضت الصين الخطوة الهندية، وهددت بالتصويت بالفيتو إن تقدمت الهند بمثل هذا الطلب إلى مجلس الأمن الدولي.

لم تثر الإشارة أي قلق في نيودلهي، التي كانت المحطة الثانية للأمير محمد بعد زيارة إسلام آباد. كما لم يمنع الاتفاق القوي بين باكستان والسعودية الهند من أن ترحب بشدة بولي العهد السعودي، وأن توقع مع الرياض اتفاقيات ضخمة، يستفيد منها كل الأطراف، كما رحبت الصين بدورها بالتقارب بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية التي تفتح عهدا استراتيجيا جديدا، في المنطقة الآسيوية وعلى مستوى العالم.

الصين ترحب بالتقارب بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية التي تفتح عهدا استراتيجيا جديدا في المنطقة الآسيويةالصين ترحب بالتقارب بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية التي تفتح عهدا استراتيجيا جديدا في المنطقة الآسيوية

وقال محلل الشؤون الاستراتيجية في صحيفة فايننشال تايمز، إندراني باغشي، إن الأمير محمد بن سلمان دخل إلى حقل الألغام بين الهند وباكستان، وما زاد في المخاطرة أن زيارته جاءت في ظل تصاعد التوترات بين الهند وباكستان على نحو حاد في أعقاب تفجير انتحاري في إقليم كشمير المتنازع عليه، سقط فيه 40 قتيلا من قوات الأمن الهندية في عملية أعلنت جماعة جيش محمد التي تتمركز في باكستان المسؤولية عنها.

لكن، أنبأت التطورات خلال زيارة الأمير محمد لإسلام آباد ونيودلهي، بأن الرياض يمكن أن تحاول خلق توازن، وإن بجهد، بين الخصمين، كما الجمع بين علاقتين مختلفتين، حليف نووي وآخر أيديولوجي وشراكة طموحة مع كليهما، بالإضافة إلى الصين.

وتمثّل شراكة الهند الاستراتيجية مع إيران مصدر قلق بالنسبة إلى السعودية، لكن الرياض لا تريد أن تضغط على نيودلهي، حيث تنبني الاتفاقات على مراعاة مصالح الشركاء، وبالتالي يدفع هذا التحالف مع السعودية دولا مثل الهند والصين إلى البحث عن طريقة للموازنة بين علاقتها مع إيران وعلاقتها مع السعودية.

جيمس دورسي: جولة الأمير محمد انتهت لصالح السعودية على حساب إيران

وهنا، يشير الخبراء إلى أن المصالح هي التي ستحدد شكل هذه العلاقات، بالنظر إلى أن العقوبات المفروضة على إيران وأزماتها السياسية والاجتماعية، لذا فالكفة تميل لصالح السعودية، وهو ما يبرر قول جيمس دورسي إن جولة الأمير محمد انتهت لصالح السعودية على حساب إيران.

ويستدل جيمس دورسي على ذلك من خلال موقف وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، الذي لم يتخذ أي خطوة لإبعاد بلاده عن تصريح أدلى به وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية، عادل الجبير، اتهم إيران فيه بأنها راعية للإرهاب، حيث قال الجبير “كيف لإيران أن تتهم الآخرين بالقيام بأنشطة إرهابية وهي الراعي للإرهاب؟”.

يدعم هذا القول محلل الشؤون الآسيوية جان اشاكزاي، مشيرا إلى أنه “للمرة الأولى، صنعت السعودية سياسة قوية في جنوب آسيا مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان”، مشيرا إلى أن “هذه السياسة جعلت إيران متوترة”.

تحاول المملكة العربية السعودية أن تستفيد من الوضع الحالي المشحون، حيث تقدم نفسها كوسيط محتمل للسلام بين الهند وباكستان، بينما تحاول التقرّب من الصين، التي تمثل أكبر شريك تجاري لها. وسيكون الرئيس الأميركي غير متحمس لفكرة هذا التقرّب، لكن الأمر وفق المراقبين لم يعد كما في السابق حيث يرتهن القرار السعودي للسياسات الأميركية. ويؤكد جان اشاكزاي أن السعودية توازن وتغير حساباتها نحو محورية آسيوية، ثم أميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى