اقتصاد

إشارات صندوق النقد الإيجابية للأردن خارطة طريق للإصلاح في تونس

عمان / تونس- نجح الأردن في تأمين إصلاحات هادئة ودون مشاكل من خلال تعامله السلس مع صندوق النقد الدولي، ويمكن أن يكون هذا التعامل الإيجابي بين الطرفين خارطة طريق لتونس التي اتفقت مع الصندوق على قرض يُدفع على مراحل يتم فيها تقييم مدى التقدم في تنفيذ الإصلاحات.

وأشاد صندوق النقد الدولي بجهود الأردن واستجابته للإصلاحات التي تمت بمرافقة مباشرة من الصندوق، وبإجمالي تمويل قدره مليارَا دولار لأربع سنوات (2020 – 2024)، وهو نفس الوضع بالنسبة إلى تونس حيث وافق الصندوق مبدئيا على منحها 1.9 مليار دولار على مراحل، وهو ما يجعل استفادتها من تجربة الأردن أمرا مهما لتنفيذ الإصلاحات وفق الجدول الزمني المطلوب.

وقال الصندوق في حديثه عن تجربة الأردن إن “حشد الإيرادات كان قويا، مما يعكس الجهود المؤسسية لمعالجة مشكلة التهرب الضريبي وتجنّبه”.

وشدد على ضرورة استمرار السياسات المالية والنقدية في التركيز على تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي مع دعم الفئات الهشّة.

 

 تجربة الإصلاحات في الأردن تظهر أن المهم ليس قيمة القرض، وإنما طريقة تنفيذ الإصلاحات وحسن توظيف الأموال

وكان الصندوق دعا الأردن في السابق إلى القيام بمجموعة من الإصلاحات، من بينها خفض ديون شركة الكهرباء وتقليص الحكومة دعمها المكْلف الموجّه إلى الوقود وزيادة تحصيل الضرائب وخفض الرواتب، وغيرها من التوصيات.

ويقول خبراء إن تونس تحتاج إلى أن تسير على خطى الأردن في ما يتعلق بالخطوات الضرورية لإعادة توازن المالية العمومية، وأن تبدأ الحكومة باتخاذ قرارات واضحة بشأن أهم القضايا الخلافية مع الاتحاد العام التونسي للشغل، أي وقف توظيف المئات ممن تطالب المنظمة النقابية بتوظيفهم في قطاع التعليم، وكذلك وقف الزيادات في الرواتب.

وإلى حد الآن لم تلتزم الحكومة بخطتها القائمة على وقف عملية التوظيف داخل القطاع الحكومي، ومازالت تقدم التنازلات أمام ضغوط النقابات في مسألة الرواتب، وهي خطوات غير مشجعة بالنسبة إلى علاقتها مع صندوق النقد الدولي.

وتظهر تجربة الإصلاحات في الأردن أن المهم ليس حجم القرض، وإنما طريقة تنفيذ الإصلاحات. ويمكن أن يكفي الرقم المعروض على تونس، والذي ستتسلمه على أقساط، لتنفيذ إصلاحات ملموسة، شريطة ألا يتم توظيفه في مجالات غير مخصص لها، وخاصة ما تعلق بزيادة التوظيف كما حصل منذ يومين بقرار توظيف العشرات من المعلمين.

وأعلن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي عن اتفاق أولي على مستوى الخبراء لمنح تونس قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى 48 شهرا، هي في أمسّ الحاجة إليه لإنعاش المالية العمومية.

 

◘ صندوق النقد أشاد بجهود الأردن واستجابته للإصلاحات التي تمت بمرافقة مباشرة من الصندوق

 

ومن شأن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ولو في حدها الأدنى، أن يوجه رسالة واضحة إلى مختلف المانحين مفادها أن تونس جادة في معالجة أزمتها الاقتصادية، وهو ما يوفر لها فرصة لإقناع شركاء تونس التقليديين في الغرب والمانحين الخليجيين بأن يهبّوا لمساعدتها.

وكان الصندوق قد اعتبر أن “التقليص في عجز الميزانيّة من خلال نظام جبائي عادل، وتحكم حازم في كتلة الرواتب، وتوجيه الدعم بشكل أفضل وإصلاح معمّق للمؤسّسات العمومية، أمر ضروري للحد من اختلالات الاقتصاد الكلّي”.

وتعوّل تونس كثيرا على نتائج القرض الجديد من الصندوق لتخفيف حدة الأزمات الداخلية بعد ارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات وما نجم عن ذلك من تململ اجتماعي يمكن أن تزداد مخاطره في الفترة المقبلة، حيث باتت الحكومة مطالبة بالوفاء باستحقاقات عاجلة لمنع اتساع نطاق الغليان الاجتماعي.

ولا شك أن التعاطي مع الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي صار أمرا ضروريا، وهو ما عبر عنه الرئيس قيس سعيد أثناء الحديث عن قانون المالية الجديد بقوله “أمضيت على قانون المالية رغم ما تضمّنه من اختيارات غير مقنعة ولا تسمح بتحقيق مطالب الشعب في العدالة الجبائية”.

ويعتقد المراقبون أن تونس تحتاج في هذه الفترة إلى أن تحسم أمرها، وأن تجاهر الحكومة بمواقفها وتؤكد على الالتزام بإصلاحات الصندوق، وأن يكف الوزراء عن إطلاق تصريحات توحي بالتناقض في المواقف من هذه الإصلاحات، وأن الحسابات السياسية لم تعد تنفع.

ولم يعد من الممكن للدولة أن تتحمل إستراتيجية إغراق المؤسسات بالموظفين واللجوء إلى زيادات مستمرة في الرواتب والعلاوات لاعتبارات سياسية أو نقابية، وهي تعرف أن نتائج هذا الخيار كارثية على الاقتصاد وعلى أوضاع الناس بمن في ذلك الموظفون الذين يحصلون على زيادات تتسبب في ارتفاع جنوني للأسعار وتساهم في ارتفاع التضخم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى