أخبارعالمية

إحياء الجدل حول قضايا قديمة للتعويض عن غياب السياسة في مصر

القاهرة – فتح الاتحاد المصري لكرة القدم، السبت، تحقيقاً موسعاً بشأن اختفاء نسخة أصلية لكأس أمم أفريقيا التي احتفظ بها المنتخب الوطني بعد أن أحرز البطولة ثلاث مرات متتالية، في خطوة قال مراقبون إن هدفها البحث عن قضية، ولو كان عمرها سبع سنوات، تسترعي انتباه الناس للتغطية على غياب الجدل السياسي في البلاد.

وتحت ضغط الرأي العام، اعترفت اللجنة الخماسية المؤقتة التي تدير اتحاد الكرة حاليا بضياع عدد من الكؤوس الموجودة في مخازن الاتحاد.

وتعددت الاتهامات بين الرياضيين ومسؤولي الاتحاد حول المتسبّب في ضياع الكأس، لكن الغريب أن الواقعة تعود إلى نحو سبعة أعوام، عندما اقتحم مشجعون مقر الاتحاد وأحرقوا ونهبوا محتوياته اعتراضاً على قرار استئناف الدوري، عقب وقوع مذبحة في بورسعيد، شمال شرق القاهرة، راح ضحيتها 74 شخصا من مشجعي النادي الأهلي، وحرر اتحاد الكرة محاضر بضياع عدد من الكؤوس آنذاك.

حسن سلامة: هناك محاولات للتشويش على نجاحات للدولة
حسن سلامة: هناك محاولات للتشويش على نجاحات للدولة

ولا أحد يعلم لماذا جرى استدعاء هذه القضية في الوقت الراهن، أو غيرها، حيث يجري أيضا التحقيق في القضية المعروفة إعلاميا بـ”فتاة الفيرومونت”، وتعود وقائعها إلى ستة أعوام، وتشغل الرأي العام بعد أن نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي روايات تفيد باستدراج شباب مصريين ينتمون لعائلات ثرية لإحدى الفتيات خلال حفل في فندق “فيرمونت نايل سيتي” بالقاهرة إلى غرفة بالفندق، ووضعوا في مشروبها مخدرا، ثم تناوبوا على اغتصابها.

يضاف إلى هاتين القضيّتين حبس رجل الأعمال الشهير صلاح دياب 15 يوما، على ذمة مخالفات وارتكاب جرائم تعود إلى سنوات سابقة.

وينغمس الكثير من المواطنين في التعرف على تفاصيل قضايا ليست لها علاقة بهمومهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، ما يشي بأن هناك رغبة كامنة لشغل الفراغ، أو أن هناك من يحرّكهم عمدا تجاه البحث في ملفات قديمة خاصة بالرياضة والتحرش والفساد للابتعاد عن مناقشة حاضرهم.

ولم تشغل قضية سرقة الكأس الرأي العام في حينه، وطفت أزمات سياسية على الساحة وقت حكم تنظيم الإخوان، وكان الاستعداد على أشده في مارس 2013 للتخلص منه، ومقدّم على جميع ما يحدث من تطورات جنائية ورياضية وفنية.

وتجد القضية متسعاً للنقاش مع اندثار الحديث في السياسة تقريبا، وزيادة ارتباط المواطنين بـ”تريندات” مواقع التواصل التي تشكل اتجاهات الجمهور، وتفرض على الحكومة الالتفات إليها على حساب ملفات أخرى.

وتحتفظ الأجهزة الأمنية والقضائية بسجلات التحقيقات السابقة في سرقة كؤوس اتحاد الكرة، ولم يفكر أحد في الاستعانة بها للتعرف على ملابسات القضية، حتى بدت الواقعة كأنها حدثت بالأمس، بينما الأمر معروف للمختصين في الشأن الرياضي، وهو ما يثير تساؤلات حول طريقة طرح القضية في وسائل إعلام متعددة والتفاعل معها من قبل المسؤولين، الذين تعاملوا معها كأنها حدث طازج.

ويصعُب الفصل بين تلك الواقعة وبين وقائع أخرى عديدة شغلت الرأي العام مؤخرا، وارتبط بعضها بقضايا تطفو على السطح مجدداً، مثل قضية نادي القرن التي تذكّرها مسؤولو الزمالك، بعد أن حصل الأهلي على اللقب منذ 20 عاماً.

ويبدو أن بعض المسؤولين يجيدون استغلال حالة الفراغ في الفضاء العام بحثاً عن مكاسب رياضية أو سياسية، عبر الحصول على شعبية زائفة من وراء القضايا المثارة.

ومن الواضح أن الحكومة هي المستفيد الأول من إثارة هذا النوع من القضايا لشغل الرأي العام عن أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة.

ما الهدف من إعادة فتح قضية وقعت قبل 7 أعوام
ما الهدف من إعادة فتح قضية وقعت قبل 7 أعوام

واضطر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، عبدالصادق الشوربجي، الخميس، للتأكيد خلال ورشة عمل عقدها المجلس الأعلى للإعلام، للحديث عن ضرورة عدم التوسع في نشر أخبار الجرائم والحوادث، معتبرا تسليط الضوء على تلك القضايا بشكل مبالغ فيه تستغله جهات معادية لتوجيه سمومها للدولة المصرية.

وتصدرت هاشتاغات عديدة كالت اتهامات للحكومة من دول مختلفة، وهو أمر يجري توظيفه سياسيا في بعض الأزمات الداخلية، وآخرها سرقة الكأس التي حمّل مغردون مسؤولية ضياعها للنظام الحالي، مع أن الضياع تم في عهد حكم جماعة الإخوان.

وأكد الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حسن سلامة، أن إثارة قضايا قديمة بحاجة لدراسة علمية للتعرف على هوية الأشخاص الذين تسببوا في الأزمات وخلفياتهم، ومدى قناعتهم بالدولة الوطنية، قبل إصدار أحكام نهائية عليها.

وأوضح لـ”العرب” أن الجرائم الأخلاقية تتصدر الرأي العام في وقت تكثف فيه الدولة جهودها لافتتاح مشروعات تنموية في مناطق عدة، ما يبرهن على أن هناك محاولات للتشويش على تلك النجاحات، فلا توجد مبررات مقنعة لإعادة فتحتها مجدداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى