الأخبار

أجندة خارجية وراء تهديد جبهة الإنقاذ للانتخابات الجزائرية

أجندة خارجية وراء تهديد جبهة الإنقاذ للانتخابات الجزائرية

استمرار القطيعة بين الجناحين المسلح والسياسي في الجبهة المحظورة.

الجزائر – تفاجأ الجزائريون بالتصعيد في لهجة جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة والتي لوّح الرجل الثاني فيها، علي بلحاج، بإفشال الانتخابات الرئاسية القادمة، في خطوة تعكس حجم العداء بين الجناح السياسي للتنظيم والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. كما توحي بوجود أجندة خارجية وراء هذا التصعيد، خاصة لتزامنها مع حملة من حركة مجتمع السلم الإخوانية المعارضة لترشيح بوتفليقة.

وتوعّد بلحاج بأن “يكون تاريخ الـ18 من أبريل القادم، موعدا لسقوط النظام السياسي، وبهبة شعبية تجهض مشروع الولاية الرئاسية الخامسة، التي تتجه أحزاب الموالاة إلى إرسائها عكس إرادة الجزائريين”.

ووصف بلحاج في تسجيل صوتي أحزاب الموالاة والشخصيات والتنظيمات التي رشحت بوتفليقة بـ”العصابة المجرمة”، ودعا إلى “محاسبة هؤلاء على تحويل البلاد إلى أضحوكة أمام العالم، بتهم خرق المبررات الشرعية والدستورية والقانونية والأخلاقية، وتقديم شخص غير موجود للشعب لانتخابه مرة أخرى”.

وجاء موقف الرجل الثاني في الحزب المحظور، بعد مرحلة صمت تجاه الأوضاع السياسية للبلاد، واقتصار المسألة على معالجة السلطة لتركة مرحلة العشرية الحمراء، واحتواء الآلاف من العناصر المسلحة، التي وفر لها قانون المصالحة الوطنية فرصة الاندماج الاجتماعي مجددا مقابل تسليم سلاحها.

ويأتي الموقف السياسي المتشدد للرجل المعروف بتأثيره على القواعد الشعبية للجبهة المحظورة، ليناقض موقف الجناح العسكري الذي يلتزم الصمت إلى حدّ الآن، ولا يُنتظر منه موقف معاد لترشيح بوتفليقة.

واستطاع الرئيس الجزائري عبر قانوني الوئام المدني في 1999، والمصالحة الوطنية في 2005، عزل الجناح السياسي لجبهة الإنقاذ، وسحب أهم ورقة منها والمتمثلة في الفصيل المسلح الذي دخل في قطيعة مع القادة السياسيين، وانخرط في أجندة السلطة، حيث كان قائد ما يعرف بـ”الجيش الإسلامي للإنقاذ” مدني مزراق، أحد ضيوف أحمد أويحيى في قصر الرئاسة في العام 2014، في إطار مشاورات التعديل الدستوري.

وألمح خطاب الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ المحظورة إلى القواسم المشتركة للوضع السياسي في مختلف الأقطار العربية مع الجزائر، مما يوحي بالبعد الإقليمي لرسالة الرجل، الذي أبان عن وحدة الأجندة والحلول لدى أتباع التيار الإسلامي في المنطقة.

وما زال القائد التاريخي للحزب المحظور، عباسي مدني، يقيم خارج الجزائر بين ماليزيا وقطر، ويدير نجله أسامة قناة فضائية تبث من لندن، وتدافع عن أفكار الحزب وأطروحاته السياسية، وتدعم بشكل صريح ما يعرف بثورات الربيع العربي، وتحث على استهداف الأنظمة في المنطقة.

علي بلحاج: 18 أبريل سيكون موعدا لسقوط النظام السياسي في الجزائرعلي بلحاج: 18 أبريل سيكون موعدا لسقوط النظام السياسي في الجزائر

وانخرط علي بلحاج في موجة السخط التي تنتاب الشارع الجزائري جراء إقدام السلطة على ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، تحسبا لأي تحرك شعبي لإجهاض المشروع، وهو ما يبرز رغبة الرجل في عدم تضييع الفرصة وركوب الموجة، أسوة بالسيناريو الذي حدث في انتفاضة الخامس من أكتوبر 1988، حين انفجر الشارع الجزائري ضد السلطة، ثم التحق به الإسلاميون من أجل تأطيره وتوجيهه إلى أجندتهم.

وبدا بلحاج غير مالك لخيوط وتفاصيل دعوته إلى انفجار شعبي ضد الانتخابات الرئاسية، وهو ما جعله يتجاهل الحديث عن آليات وأساليب ما أسماه بـ”إسقاط النظام في يوم الانتخابات”، وسط تساؤلات عما إذا كانت الرسالة موجهة إلى قواعد الحزب المحظور أو عموم الشعب الجزائري، مما يؤكد أن الرجل يترصد التطورات للوقوف على اللحظة المناسبة.

وأمام صمت منتسبي الفصيل المسلح وتواري قادته عن الأنظار، أبدى الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ، منذ خروجه من سجن البليدة عام 2003، ليونة أيديولوجية وسياسية لتفادي الصدام مجددا مع السلطة ومع القوى السياسية المناوئة، في إطار استراتيجية إعادة التموقع في المشهد وتفادي التجارب السابقة.

وحظي بوتفليقة بدعم وتأييد عناصر الفصيل المسلح لجبهة الإنقاذ خلال الاستحقاقات الرئاسية الماضية، كاعتراف من الآلاف من العناصر المتشددة بجميل المصالحة الوطنية وإنهاء مرحلة الاقتتال الدموي، لكن الصمت ما زال يطبق عليها في هذه الأثناء، وهو ما يوحي بانتظارها إشارة ما لتفعيل المصالحة الوطنية بشكل أوضح، مقابل دعم متجدد لمرشح السلطة وتكريس للقطيعة مع الجناح السياسي.

وأعربت حركة مجتمع السلم الإخوانية، الاثنين، عن استعدادها لدعم فكرة تقديم مرشح موحّد للمعارضة في الانتخابات الرئاسية في وجه بوتفليقة. وكانت الحركة قررت قبل ذلك ترشيح رئيسها عبدالرزاق مقري لسباق الرئاسة، لكنها أبقت الباب مفتوحا أمام التوافق حول مرشح واحد.

وأكد المكتب التنفيذي للحركة موافقته على المبادرة التي طرحها عبدالله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية المحسوبة على التيار الإسلامي، والهادفة إلى تقديم مرشح موحد للمعارضة في انتخابات الرئاسة.

وانتقدت الحركة مضمون الرسالة التي وجهها بوتفليقة إلى الأمة ومن خلالها أعلن ترشحه لولاية رئاسية خامسة، ما يكشف عن قلق “حمس″ من تحرك النظام في نفس ملعبها بتوظيف البعد الديني في المعركة السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى