الأخبار

سلام من نوع جديد في الشرق الأوسط أساسه الماء والغاز

واشنطن – شاركت وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية تمار زاندبرغ في اجتماع مغلق في مؤتمر المناخ المنعقد في شرم الشيخ “كوب 27” الثلاثاء، مع ممثلي الدول التي لا تعترف بإسرائيل، بما في ذلك لبنان والعراق. كما وجد ممثل من فلسطين، الدولة التي لا تعترف بها إسرائيل وبينهما صراع منذ عقود.

واعتبر تقرير لمؤسسة “عرب دايجست” الاستشارية أن المشاركة في الاجتماع تعدّ إنجازا غير متوقع لإسرائيل. حيث كانت الوزيرة الحكومية الصغيرة نسبيا في نفس الغرفة مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية والرئيس العراقي عبداللطيف رشيد ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ومع مسؤولين من عُمان والأردن.

وكان الهدف المعلن من الاجتماع هو مناقشة كيفية تأثير تغير المناخ على البلدان المعنيّة. وبحسب صحيفة “هآرتس”، لفت لبنان والعراق الانتباه إلى النقص الحاد في المياه. ويمكن الافتراض أن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية والمندوب الأردني طرحا الموضوع أيضا. حيث يعاني البلدان، مثل العراق ولبنان، من إجهاد مائي شديد.

ونشر المجلس النرويجي للاجئين في أكتوبر تحليلا يفصل الأثر المدمّر لعدة سنوات من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة الشديدة على المجتمعات الزراعية في جميع أنحاء العراق. ويشير المسح إلى أن التدفق المحدود من البلدان المجاورة التي تواجه نقصا حادا إلى جانب سوء إدارة المياه في العراق أدى إلى تفاقم الأزمة.

يمكن النظر إلى معالجة السلطات الإسرائيلية للمياه في الضفة الغربية على أنها سلاح يهدف إلى إضعاف الفلسطينيين

كما جاء في التقرير “يؤدي تفاقم أزمة المناخ والمياه إلى كارثة للمناطق التي اعتمدت منذ فترة طويلة على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل وسبل العيش. وفي حال استمرت ظروف الجفاف الحالية في الإضرار بالمحاصيل والحصاد، فسوف تضطر المجتمعات الزراعية في العراق إلى ترك أراضيها والتوجه إلى المناطق الحضرية بحثا عن مصادر بديلة للدخل. ووثّق المجلس النرويجي للاجئين للسنة الثانية على التوالي تأثير أزمة المياه والمناخ في العراق على المزارعين والسكان المتضررين من النزوح. ويُظهر التقرير الجديد أن واحدة من بين كل ثلاث أسر في المناطق الأكثر عرضة للجفاف اضطرت إلى تقليص مساحة الأرض التي تزرعها، مما أدى إلى خسارة كبيرة في المحاصيل والدخل. وأفاد أربعة من بين 10 أشخاص بأنهم حصدوا كميات أقل من القمح والشعير والفواكه والخضروات هذا العام مقارنة بالعام الماضي”.

والوضع خطير بنفس القدر في لبنان الذي استشهد بمياه الشرب غير الآمنة كسبب لتفشي الكوليرا الخطير في أوائل أكتوبر. ويلاحظ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه منذ اكتشاف المرض لأول مرة، ارتفع عدد الحالات من 2 إلى 1400 مع الإبلاغ عن 16 حالة وفاة. وتفاقمت أزمة المياه هناك بسبب الشلل الحكومي واستجابة السلطات الذاتية وغير الفعالة لانهيار الاقتصاد اللبناني. ولاحظت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” أن التضخم متفش وتكلفة المياه المعبأة ارتفعت بشكل كبير.

في الآن نفسه، يمكن للأردن وفلسطين النظر إلى ما وراء الجفاف وتغير المناخ إلى عامل آخر يسبب الإجهاد المائي ألا وهو إسرائيل.

وتضمن اتفاق السلام لعام 1994 بين الأردن وإسرائيل اتفاقية لتقاسم المياه. ومع ذلك، تبقى الصفقة غامضة فيما يمكن أن يحدث في حالة الجفاف. ففي 1999 على سبيل المثال، خفضت إسرائيل ما تتقاسمه بسبب الجفاف. وفي العام السابق لذلك ومرة ​​أخرى في 2009، تلقى الأردن مياها ملوثة من الإسرائيليين.

وخفت حدة التوترات مع إسرائيل بتوقيع صفقة بوساطة جزئية من الإمارات العربية المتحدة وستشهد تصدير الأردن الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية إلى إسرائيل مقابل المياه المحلاة من المحطات على طول ساحل البحر المتوسط. لكن الأردنيين يخشون من أن تترك الاتفاقية بلادهم، التي تقول اليونيسف إنها ثاني أكثر دول العالم ندرة في المياه، عرضة للاستغلال من الإسرائيليين. وبالفعل، كانت اتفاقية السلام لسنة 1994 مدفوعة في جزء لا بأس به من الحاجة الملحة للأردن إلى المياه.

ويُذكر تقرير “عرب دايجست” بأن الوضع في فلسطين أشد فظاعة. كما أشارت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته سنة 2017 “بعد احتلال اسرائيل للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة في عام 1967 بوقت قصير، بسطت السلطات العسكرية الإسرائيلية سلطتها على كافة مصادر المياه، والبنية التحتية الخاصة بالمياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة. واليوم، بعد مرور 50 عاما على ذلك الاحتلال، لا تزال إسرائيل تسيطر على إمكانية حصول الفلسطينيين على المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقيِّد تلك الإمكانية إلى الحد الذي لا يلبي احتياجات الفلسطينيين، ولا يشكل توزيعا عادلا للموارد المائية المشتركة”.

 

نظرا إلى أن نتنياهو قد عاد إلى السلطة من غير المرجح أن يكون لكل ما نوقش حول قضايا المياه أيّ نتائج إيجابية لفلسطين
نظرا إلى أن نتنياهو قد عاد إلى السلطة من غير المرجح أن يكون لكل ما نوقش حول قضايا المياه أيّ نتائج إيجابية لفلسطين

 

ولا يزال الوضع اليوم على ما كان عليه قبل خمس سنوات، حيث يضطر الفلسطينيون إلى شراء المياه من الشركات الإسرائيلية بأسعار باهظة. وتتلقى المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية تدفقا مستمرا بينما يواجه الفلسطينيون في المجتمعات المجاورة نقصا في المياه مع ارتفاع درجات الحرارة. وفي الواقع، يمكن النظر إلى معالجة السلطات الإسرائيلية للمياه في الضفة الغربية على أنها سلاح يهدف إلى إضعاف معنويات الفلسطينيين وحرمانهم من حقهم في إقامة دولة.

وقال مدير عام المياه في سلطة المياه الفلسطينية عادل ياسين “نطالب بحفر آبار جديدة في الضفة الغربية لزيادة كميات المياه المتاحة وعدم الخضوع للسيطرة الإسرائيلية، لأن الماء من أساسيات الاستقرار والتحرير، وأي دولة بلا ماء هي دولة بلا سيادة”.

ونظرا إلى أن بنيامين نتنياهو قد عاد إلى السلطة بفضل ائتلاف مع أحزاب يمينية متطرفة عنصرية وكَوْن تمار زاندبرغ من حزب ميرتس اليساري الذي لم يحصل على أصوات كافية لعبور العتبة إلى الحصول على أيّ مقعد في الكنيست، من غير المرجح أن يكون لكل ما نوقش حول قضايا المياه أيّ نتائج إيجابية لفلسطين.

وتجب الإشارة إلى الأطراف التي لم تحضر الاجتماع ومنها تركيا التي لم تكن مدعوة رغم وجودها الإقليمي القوي، ولا يعني ذلك أن الأتراك كانوا يتوقعون دعوة. ويرجع هذا إلى حد كبير إلى مورد طبيعي آخر هو الغاز. حيث تمضي إسرائيل قدما بقوة لتصبح لاعبا إقليميا مهيمنا ولا ترى تركيا شريكة لها.

وإسرائيل عضوة في منتدى غاز شرق المتوسط، ومن بين الأعضاء الثمانية المكونين له حضر ستة أعضاء “كوب 27”. وتغيبت فرنسا وإيطاليا عن الحدث. وفي حين أننا لا نعلم إن كان الغاز على جدول الأعمال، إلا أنه غالبا ما يُطرح كخيار صديق للبيئة أكثر من النفط. وارتفع الطلب بالطبع مع حرب بوتين في أوكرانيا. لذلك، من الآمن أن نفترض أنه ذُكر.

مياه

ودخلت تركيا في صراع غاز مرير مع مصر وقبرص وخاصة اليونان. وتمنح مذكرات التفاهم الموقعة بين أنقرة وحكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها الأتراك الحق في التنقيب عن الغاز في منطقة من البحر المتوسط ​​تطالب بها اليونان.

وأعلنت مصر في عمل تضامني مع شريكتها في شرق المتوسط ​​وردا على منافس إقليمي أنها لن تعمل مع تركيا بعد الآن في الجهود المبذولة لإيجاد حل للنزاع الليبي.

أثناء ذلك، وقع رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد صفقة مع لبنان ستشهد مشاركة البلدين في حقل غاز كبير في شرق المتوسط.

وتقول “عرب دايجست” إن الإسرائيليين يبدون مرة أخرى أكبر المستفيدين، ولهم الخبرة والبنية التحتية اللازمة لبدء ضخ الغاز وبيعه على الفور تقريبا. وليس لبنان، بحكومته المعطلة والأزمة الاقتصادية المتفاقمة، في وضع يسمح له باستغلال مجاله في أيّ وقت قريب. لذلك، بينما يتنازع الآخرون، تستمر إسرائيل في جني المكاسب باستغلال الموارد الطبيعية التي حصلت على بعضها بوسائل غير مشروعة لتعزيز هيمنتها الإقليمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى